الرابع : ما إذا كان الأثر مترتّبا على العدم المحمولي بمعنى أنّ الأثر مترتّب على وجود شيء وعدم وجود آخر ، والجزء الأوّل ثابت بالوجدان فهل يمكن باستصحاب عدم الثاني أن يلتئم الموضوع ويتمّ فيترتّب الأثر أم لا يمكن ، وعلى تقدير عدم الإمكان فهل هو لقصور أدلّة الاستصحاب عن شموله أو للتعارض؟
ذهب الآخوند قدسسره إلى الأوّل (١) وجماعة إلى الثاني (٢) ، مثلا إذا كان الأثر مترتّبا على موت المورث وعدم موت ولده وبالعكس فماتا ولا نعلم أنّ أيّهما تحقّق فيه هذان الجزءان ، فهنا إن قلنا بعدم جريان الاستصحاب للتعارض أو لقصور الدليل لا أثر لذلك عملا ، وإنّما يجدي النزاع ثمرة علميّة ليس إلّا.
أمّا لو كان الأثر مترتّبا على أحد الأمرين دون الآخر ، كما إذا كان الأثر مترتّبا على موت المورث وعدم إسلام الوارث دون العكس ، فإنّ إسلام الوارث وعدم موت المورث لا أثر له إلّا بنحو الأصل المثبت ، فهنا لو كان الموت متحقّقا بالوجدان وشكّ في تحقّق الإسلام وعدمه فاستصحاب عدم تحقّق الإسلام إن جرى في نفسه لوفاء دليل الاستصحاب بشموله ، فلا يعارضه استصحاب عدم تحقّق الموت إلى حين الإسلام لعدم الأثر لثبوت الإسلام حال الحياة ، وهذا بخلاف ما لو قلنا بعدم جريان الاستصحاب لقصور دليله عن الشمول فلا يجري أصلا.
وقد ذهب صاحب الكفاية إلى عدم وفاء أدلّة الاستصحاب بشمول هذا القسم (٣) لأنّه يستفيد من قوله : «إذا كان على يقين فشكّ» لزوم اتّصال زمان الشكّ بزمان اليقين ، فحيث يقطع بعدم اتّصال زمان الشكّ بزمان اليقين لا يجري الاستصحاب ، كما إذا قطعنا بعدالة زيد يوم الخميس وقطعنا بفسقه يوم الجمعة
__________________
(١) المصدر المتقدّم.
(٢) منهم الشيخ في الفرائد ٣ : ٢٤٩.
(٣) كفاية الاصول : ٤٧٩.