والجواب : أنّ هذه الهبة المدّعاة تارة تكون جائزة فإنكارها رجوع حينئذ فعمرو يستحقّ العين ، لأنّه إمّا بائع لم يقبض الثمن أو واهب راجع بهبته ، وحينئذ فمن أين يحصل العلم بأنّه أخذها من غير حقّ؟ وتارة تكون لازمة كما إذا كان زيد ولد عمرو أو من أرحامه الّذين تلزم الهبة بالنسبة إليهم أو قصد بها القربة أو كانت معوّضة بعين خارجية مثلا ، (فحكم الشارع بجواز أخذ العين لعلّه من جهة التقاصّ بالثمن لكونه في الواقع بائعا لها عليه فأين المخالفة للعلم التفصيلي؟
ولو فرض زيادة قيمتها على الثمن المدّعى فتحالفا) (١) فهنا لا بدّ في الحكم بالإرجاع للعين لعمرو من التزام حكم الشارع بالانفساخ بالتحالف وهو واضح جدّا.
ومنها : ما لو أقرّ بمال لزيد ثمّ أقرّ به لعمرو فيعطى المال لزيد ثمّ يغرم مثله لعمر مع العلم بأنّ أحد هذين قد أخذ ما لا يستحقّ ، لاستحالة كون مال واحد مملوكا بنحو الاستقلال لأكثر من واحد. فلو انتقل العين ومثلها إلى ثالث لا يجوز له التصرّف فيهما لعلمه بعدم انتقال أحدهما إليه لأنّه من غير مالكه الواقعي ، فجواز التصرّف ليس إلّا من جهة عدم الاعتناء بهذا القطع.
والجواب : أنّه أقرّ بالعين وهي في يده فإقراره إقرار في حقّ نفسه وهو مقبول ، ثمّ أقرّ بها بعد حكم الشارع بكونها للمقرّ له ، وحينئذ فهي بحكم ما لو أتلفها المقرّ فلا بدّ من الانتقال إلى المثل.
وأمّا جواز تصرّف من انتقل إليه العين والمثل أو القيمة فهو من جهة أنّ جواز تصرّف ذي اليد ظاهرا كاف في ترتيب المنتقل إليه الأحكام الثابتة للملكيّة الواقعيّة وتثبت نفس الملكيّة الواقعيّة ، وإلّا فلا نلتزم بجواز تصرّف المنتقل إليه فيهما.
__________________
(١) ما بين القوسين من إضافات بعض الدورات اللاحقة.