وبالجملة ، فعدم وجوب الاحتياط في المقام يكون لمنع اعتبار ذلك الأمر المردّد بين الفعل والترك في العبادة واقعا في المقام ، نظير القول بعدم وجوب الاحتياط بالصلاة مع اشتباه القبلة ، لمنع شرطيّة الاستقبال مع الجهل ، لا لعدم وجوب الاحتياط في الشكّ في المكلّف به.
وقد يرجّح الثاني ، وإن قلنا بعدم وجوبه في الشكّ في الشرطيّة والجزئيّة ، لأنّ مرجع
____________________________________
مستلزم لإلغاء شرطيّة الجزم بالنيّة).
وحاصل كلامه قدسسره هو الفرق بين الاحتياط في المقام ، وبينه في الشكّ في الشرطيّة والجزئيّة ، بأنّ وجوب الاحتياط عند الشكّ في الشرطيّة والجزئيّة لا ينافي الجزم بالنيّة ، إذ الاحتياط يتحقّق بإتيان الأكثر مع الجزم بالنيّة من دون حاجة إلى تكرار العبادة.
وهذا بخلاف ما نحن فيه حيث إنّ الاحتياط هنا مستلزم لتكرار العبادة ؛ تارة مع ذلك الشيء ، واخرى بدونه ، فينافي الجزم بالنيّة ، فيدور الأمر بين وجوب مراعاة ذلك الشرط المردّد بين الفعل والترك بتكرار العبادة ، وبين مراعاة شرط الجزم بالنيّة ، فيأتي بالعبادة مرّة واحدة بنيّة الوجوب ، ومن المعلوم أنّ مراعاة شرط الجزم بالنيّة أولى لشبهة قصد الوجه ، مع أنّ المفروض إمكان قصد الوجه بترك الاحتياط والالتزام بالتخيير.
(وبالجملة ، فعدم وجوب الاحتياط في المقام يكون لمنع اعتبار ذلك الأمر المردّد بين الفعل والترك في العبادة واقعا) حيث يكون المرجع في هذا المقام هو البراءة لا الاحتياط ؛ لأنّ الشكّ في أصل بقاء وجوب الشرط المردّد بين الفعل والترك ، لكونه منافيا لشرط الجزم بالنيّة ، نظير عدم وجوب الاحتياط بتكرار الصلاة عند اشتباه القبلة ، وذلك لمنع شرطيّة القبلة مع الجهل بها ، (لا لعدم وجوب الاحتياط في الشكّ في المكلّف به).
هذا تمام الكلام في ترجيح الوجه الأوّل وهو التخيير والبراءة. ثمّ أشار إلى ترجيح الوجه الثاني ، وهو وجوب الاحتياط بقوله قدسسره :
(وقد يرجّح الثاني ، وإن قلنا بعدم وجوبه في الشكّ في الشرطيّة والجزئيّة).
حاصل كلام المصنّف قدسسره هو وجوب الاحتياط حتى على القول بعدم وجوبه ، بل البراءة في الشكّ في الشرطيّة والجزئيّة ؛ وذلك لأنّ العلم الإجمالي في الشكّ في الشرطيّة والجزئيّة ينحلّ إلى علم تفصيلي بالنسبة إلى الأقلّ وشكّ بدوي بالنسبة إلى الزائد ، كما عرفت.