اللهمّ إلّا أن يقال بأنّ مقتضى الاستصحاب ـ كالأصل الأصيل ـ إنّما هو عدم الصحّة وعدم الحجّيّة ، فلا بدّ في خلافه من الاقتصار على القدر المتيقّن ثبوت الصحّة والحجّيّة ، وهو غير محلّ البحث ، أمّا هو فيكون مندرجا تحته محكوما عليه بعدم الخروج ؛ عملا بالاستصحاب ، فيقع التعارض حينئذ بين الاستصحابين ، فلا بدّ معه من التوقّف والرجوع إلى الأصل ، ومقتضاه العدم.
ولكنّه كما ترى ، فإنّ مثل هذا الاستصحاب على اعتباره في حدّ ذاته لا يصلح للمعارضة مع ذاك ، وإلّا لزم بطلان التمسّك بالاستصحاب الثبوتي ، وعدم حجّيّته رأسا أو غالبا ، وهو خلاف كلمة القائلين بحجّيّة الاستصحاب ، وضدّ طريقتهم وديدنهم وسيرتهم ، بل وضدّ ما يستفاد من طريقة الشارع وسيرته ، كما لا يخفى على الخبير المنصف.
وأمّا العمومات فلاختصاصها أو تخصيصها بما لم يثبت من غير العلم دليل معتبر شرعا على حجّيّته ، وأمّا ما قام على حجّيّته ـ كالاستصحاب على ما هو المفروض ـ فلا يشمله هذه العمومات ، ولا يكون داخلا فيها ، فيكون الاستصحاب سليما عن المعارض ؛ فتأمّل.
[ الثاني : ] العمومات الدالّة على عدم جواز نقض اليقين إلّا باليقين ، بناء على مغايرتها للاستصحاب بالتقريب المشار إليه.
[ الثالث : ] العمومات الآتية الدالّة على صحّة العمل والفتوى والحكم بما أدّى إليه اجتهاد المقلّد على الوجه المعتبر ، الشاملة لما نحن فيه ، السليمة عمّا يصلح للمعارضة.
[ الرابع : ] ما تمسّك به بعض الأعاظم من المشايخ ـ طاب ثراه ـ والسيّد السند الاستاد ـ دام ظلّه العالي ـ في المفاتيح ، من العمومات النافية للعسر والحرج في الشريعة (١) ؛ فتأمّل.
__________________
(١) مفاتيح الاصول ، ٥٨٠.