مضافا إلى ما قيل : من أنّ المعهود من سيرة المسلمين عدم وجوب تجديد النظر (١) .
وما قيل أيضا : من العمومات النافية للعسر والحرج في الشريعة ؛ نظرا إلى استلزام القول بوجوب التجديد في محلّ البحث للحرج ولو بالإضافة إلى جميع أفراده (٢) ؛ فتأمّل جدّا.
مضافا إلى ما ستقف عليه من ذي قبل ، من الأدلّة الدالّة على صحّة الاجتهاد السابق وحجّيّته ، وصحّة الاعتماد عليه شرعا ، الملزومة لعدم الوجوب هنا ، كما لا يخفى ، سيّما بعد ملاحظة عدم ظهور القائل بالفرق بين الأمرين فى المسألة.
وأمّا بالإضافة إلى الحكم الوضعي ـ أي : صحّة الاجتهاد السابق وحجّيّته واعتباره شرعا في حقّه ـ فلأنّه وإن كان خلاف مقتضى الأصل الأصيل ، والعمومات الدالّة على عدم حجّيّة غير العلم ، وعدم صحّته ، وعدم مشروعيّة الاعتماد عليه والاعتبار به ، إلّا أنّ الدليل ـ المندفع به هذا الأصل ، والمخصّص به هذه العمومات ، الدالّ على الصحّة المطلقة الملزومة لعدم وجوب التجديد رأسا ـ قائم موجود من وجوه :
[ الأوّل : ] الاستصحاب ، وتقريره : أنّ الحكم المؤدّي إليه اجتهاده محكوم عليه بعده بلا فصل بالحجّيّة ، وبصحّة العمل والفتوى والحكم له به حينئذ قطعا فتوى ودليلا ، فلا بدّ من الحكم ببقاء ما ثبت ؛ عملا بالاستصحاب حتّى يثبت الرافع اليقيني أو القائم مقامه ، والمفروض انتفاؤه ؛ إذ لا دليل على ارتفاعه ، عدا ما مرّت إليه الإشارة من الأصل الأصيل ، والعمومات ، وشيء منهما لا يصلح للدلالة.
أمّا الأصل فلأنّه لا يعارض الاستصحاب ـ كما تقرّر في محلّه ـ إن اريد به أصالة الفساد وعدم الحجّيّة ، وإن اريد به استصحابهما فلاندفاعه بما دلّ على الصحّة من الإجماع وغيره من الأدلّة ، وبعده لا يتّجه الاستصحاب المدّعى ، فيكون استصحاب الصحّة سليما عن هذا المعارض.
__________________
(١) قال بهما في مفاتيح الاصول ، ص ٥٨٠.
(٢) المصدر.