مرّت إليه الإشارة سابقا لذلك ، مضافا إلى ما مرّ سابقا.
ولا فرق في ذلك بين صدور العمل عنه بمقتضى الاعتقاد السابق وعدمه ؛ لذلك.
ومنها : أنّ ما يصير به العامّي المكلّف مقلّدا ، ويتحقّق به حقيقة التقليد المصطلح ، هل هو العمل بقول الغير ، [ وهو ] المجتهد الجامع للشرائط ، كما عن النهاية وفي المعالم وغيرهما (١) ، أو الأخذ بقوله ، كما عن المقاصد العليّة (٢) ، أو قبوله كما في منية المريد وغيرها ، وعن شرح المبادي لفخر الإسلام وجامع المقاصد والمدارك والوافية (٣) ، أو ما يشمل العزم ، إمّا إلى الفعل والعمل خاصّة ـ كما قيل ـ وإمّا إلى القبول والأخذ خاصّة ، وإمّا إليهما ، أو شيء آخر غير ما مرّ ؟
أوجه واحتمالات.
والذي يقتضيه التحقيق : أنّ التقليد هو مجرّد المتابعة للغير ، سواء كان في الاعتقاد خاصّة ، أو في القول خاصّة ، أو في الفعل خاصّة ، أو في الاثنين منها ، أو في الجميع ، فمقلّد المجتهد لا يكون مقلّدا له إلّا بعد المتابعة له ، فإن كانت المتابعة له في الاعتقاد خاصّة ، كان مقلّدا له فيه خاصّة ، وإن كانت في القول خاصّة ، كان مقلّدا له فيه خاصّة ، وإن كانت في الفعل خاصّة ، كان له مقلّدا فيه خاصّة ، وهكذا.
ومن البيّن أنّ المتابعة لا تحقّق لها في الخارج قطعا إلّا بعد تحقّق التابع والمتبوع والتبعيّة وما فيه التبعيّة في الخارج ، وكما تنتفي المتابعة الحقيقيّة بعدم تحقّق كلّ من التابع والمتبوع في الخارج ، فكذا تنتفي أيضا بعدم تحقّق كلّ من التبعيّة وما فيه التبعيّة فيه ؛ ضرورة انتفاء الكلّ والمشروط بانتفاء الجزء والشرط من حيث هما كذلك ، فلو كان المتبوع أحد المفتيين لا على التعيين في حدّ ذاته وفي اعتقاد التابع أيضا ، لما
__________________
(١) حكاه عنهما في مفاتيح الاصول ، ص ٥٨٨ ؛ وهو في نهاية الوصول إلى علم الاصول ، الورقة ٣١٦ ؛ معالم الدين ، ص ٢٣٦.
(٢) المقاصد العليّة ، ص ٤٨.
(٣) منية المريد ، ص ٣٠٣ ؛ وحكاه عن شرح المبادي لفخر الإسلام في مفاتيح الاصول ، ص ٥٨٨ ؛ جامع المقاصد ، ٢ ، ص ٦٩ ؛ مدارك الأحكام ، ج ٣ ، ص ١٣٥ ؛ الوافية ، ص ٢٩٩.