تحقّقت المتابعة ؛ إذ لا تحقّق له في الخارج ، كما هو المفروض ؛ فتأمّل فيه جدّا.
ومن البيّن أيضا أنّه لا يتحقّق التبعيّة من التابع بمجرّد مطابقة اعتقاد التابع وقوله وفعله لاعتقاد المتبوع وقوله وفعله ، بل لا بدّ فيه من ملاحظة التابع حيثيّة التبعيّة ، بأن كان قاصدا لها وعازما عليها ، ولذا يصحّ سلب اسم المتابعة حقيقة عرفا ولغة وعقلا عن المطابق الغير الملحوظ معه هذه الحيثيّة ، ويصحّ سلب اسم المتابعة كذلك عن مجرّد العزم على التبعيّة والقصد لها من دون أصلها ، ولا يصحّ إطلاقها حقيقة كذلك عليه.
وكذا لا يتحقّق ما فيه التبعيّة في الخارج أيضا إلّا مع تعيّنه وتشخّصه ؛ إذ الكلّي لا وجود له إلّا في ضمن الجزئي الحقيقي والفرد ، أو بوجوده.
مضافا إلى استلزامه بدون التعيّن والتشخّص لعدم تحصّل التبعيّة في الخارج ، الملزوم لانتفاء المتابعة رأسا ، واستلزامه للعزم عليها والقصد لها لو سلّم غير مقيّد ولا مثمر في صدق المتابعة الحقيقيّة حسبما عرفت.
ومن هنا ظهر أيضا أنّ التقليد الاعتقادي خاصّة بدون اعتقاد المقلّد مطابقا لاعتقاد المفتي لا يكون تقليدا ما دام كذلك ، وكذا التقليد القولي خاصّة بدون قول المقلّد مطابقا لقول المفتي أو اعتقاده لا يكون تقليدا ما دام كذلك ، وكذا التقليد الفعلي بدون فعل المقلّد مطابقا لفعل المفتي أو قوله أو اعتقاده لا يكون تقليدا له ، وهكذا.
كما ظهر أيضا أنّ المقلّد إذا بنى في الأحكام الكلّيّة المأخوذة من المفتي على ما أفتى بعمومه وعمل ببعض جزئيّاته ، لا يكون مقلّدا له في العمل خاصّة أو مطلقا ، بالإضافة إلى سائر الجزئيّات التي لم يعمل بها ، بل هو مقلّد له بالإضافة إلى ما عمل خاصّة ، دون غيره وإن كان عازما على المتابعة فيه قاصدا لها أيضا.
وهذا لعلّه من الوضوح بحيث لا حاجة له إلى البيان.
إذا عرفت هاتين المقدّمتين فاعلم : أنّ مجرّد الالتزام المذكور ليس من التقليد بشيء كما عرفت في مطاوي ما ذكر من المقدّمتين ، فلا معنى لأصل البقاء عليه ، فضلا عن وجوبه ؛ لعدم الدليل ، بل الدليل على عدمه قائم ، من الأصل أو الاصول والعمومات وغيرها.