وبعدم بطلان ما صدر من العاقل حال العقل من الأفعال والأعمال والعقود والإيقاعات الصحيحة والشهادة والإقرار والحكم والقضاء بعروض الجنون.
مع أنّه لا دليل هنا على البطلان ووجوب الرجوع عدا ما يتوهّم من إطلاق اشتراط العقل في كلماتهم ، والأصل والاستصحاب والعمومات ، المقتضية لعدم صحّة التقليد والدالّة على عدم حجّيّة غير العلم ؛ وشيء منها لا يصلح للدلالة.
أمّا الأوّل : فلانصرافه إلى التقليد الابتدائي خاصّة ، كما لا يخفى على من لاحظ بعض تعليلاتهم.
وأمّا الثاني : فلأنّه لا يعارض الدليل ، بل مندفع به ، كما تقرّر في محلّه.
وأمّا الثالث : فإمّا لاندفاعه بما مرّ ، وإمّا لمعارضته بما هو أرجح منه من وجوه عديدة ممّا مرّ.
وأمّا الرابع : فلاختصاصه أو تخصيصه بالتقليد الغير المعتبر شرعا ، وما نحن فيه تقليد معتبر شرعا بحكم ما مرّ.
وأمّا الخامس : فلاختصاصه أو تخصيصه بغير العلم الغير المعتبر شرعا ، وما نحن فيه وإن كان غير العلم بذاته ، إلّا أنّه معتبر بالفرض ، مع أنّه ليس من العمل بغير العلم أيضا ، بل هو أيضا عمل بالعلم ولو حكما وبواسطة.
اللهمّ إلّا أن يناقش في جميع ذلك : أمّا الاستصحاب ؛ فلعدم صحّة جريانه هنا ، أمّا على تقدير كون المفتي المجنون بالفرض حال الصحّة قائلا بعدم صحّة البقاء على التقليد بعروض الجنون ، فواضح ؛ إذ مقتضى قوله هذا اختصاص صحّة العمل بقوله إلى وقت الجنون خاصّة ، وبطلانه به وبعده ، فلا معنى للاستصحاب حينئذ لنا ، مضافا إلى ما سيأتي.
وأمّا على تقدير كونه قائلا بصحّته ، وكذا على تقدير عدم كونه قائلا بشيء منهما ؛ لعدم اجتهاده في هذه المسألة وعدم ثبوته ؛ فلأنّ القدر المتيقّن الحاصل من صغرى وكبرى قياسه المصحّح لعمل المقلّد بقوله ـ ككبرى وصغرى قياس المقلّد المصحّح