وبعد فرض عدم الأخذ بالشقّ الثالث ـ كما هو المدّعى ـ تعيّن الأخذ بواحد من الباقي الشقوق ، ويلزمه ما ذكرنا من الملازمة بعينها.
فإنّه إن اخذ بهما معا ، لزمه الحكم ببطلان أحد المقتضيين والحكمين المتناقضين ، وإلّا لزم اجتماع النقيضين في الفرض ، وهو باطل محال.
ويلزمه حينئذ بطلان ما دلّ على صحّة اجتهاده وفتواه أيضا مطلقا ؛ لاستلزامه المحال ، ومستلزم المحال محال باطل جدّا.
وإن طرحهما معا ، لزم ارتفاع النقيضين في الفرض ، وهو أيضا محال باطل ، ويلزمه أيضا بطلان ما دلّ على صحّة اجتهاده وفتواه أيضا كذلك ؛ لذلك.
وإن اخذ بالثاني ، أي تجويزه البقاء على تقليد الميّت وفتواه كذلك ، لزم أن لا يصحّ فتوى هذا المفتي الحيّ ، ولا اجتهاده بالإضافة إلى المسائل المخالف هو فيها للميّت المفروض.
ويلزم من ذلك ـ سيّما بعد ما ذكر من بطلان اللازم ـ تعيّن طرح الثاني والأخذ بالأوّل ، أي تجويز المفتي الحيّ العمل بما أدّى إليه اجتهاده بالإضافة إلى المسائل المخالف هو فيها للميّت المفروض وفتواه كذلك خاصّة ، دون غيره ، وهو المدّعى.
لا يقال : هذا إنّما يتمّ إذا كان فتوى المفتي الحيّ بصحّة البقاء على العمل بفتوى هذا الميّت بعنوان اليقين والانحصار ، بحيث لا يصحّ للمقلّد والمستفتي المفروض العمل بغيرها ، وأمّا إذا كان بعنوان التخيير وعدم الانحصار ، فيكون المقلّد والمستفتي مخيّرا بين الأخذ بفتوى الميّت المفروض ، وبين الأخذ والعمل بما أدّى إليه اجتهاد الحيّ المفروض بالإضافة إلى غير هذه الفتوى وسائر الوقائع والأحكام المخالف له فيها ، فلا ينحصر المعمول به والمعوّل عليه كذلك في الأوّل ، حيث يكون حينئذ من باب أحد فردي الواجب التخييري ، ومعه لا يلزم ما ذكر من الملازمة.
لأنّا نقول : هذا ـ كما ترى ـ فاسد ؛ إذ لا ينفكّ ما فرضنا عمّا ذكرنا ؛ نظرا إلى عدم انفكاك هذا التخيير ـ على فرض صحّة القول بالبقاء ـ عن التعيين عند التأمّل