قال : فقال : « ينظر إلى ما كان من روايتهم عنّا في ذلك الذي حكما به المجمع عليه من (١) أصحابك ، فيؤخذ به من حكمنا ويترك الشاذّ الذي ليس بمشهور عند أصحابك ، فإنّ المجمع عليه لا ريب فيه. وإنّما الامور ثلاثة : أمر بيّن رشده فيتّبع ، وأمر بيّن غيّه فيجتنب ، وأمر مشكل يردّ علمه إلى الله وإلى رسوله صلىاللهعليهوآله ، قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : حلال بيّن ، وحرام بيّن ، وشبهات بين ذلك ، فمن ترك الشبهات نجا من المحرّمات ، ومن أخذ بالشبهات ارتكب المحرّمات ، وهلك من حيث لا يعلم » .
قلت : فإن كان الخبران عنكم مشهورين قد رواهما الثقات عنكم ؟
قال : « ينظر ، فما وافق حكمه حكم الكتاب والسنّة وخالف العامّة ، فيؤخذ به ، ويترك ما خالف حكمه حكم الكتاب والسنّة ووافق العامّة » .
قلت : جعلت فداك ، إن كان الفقيهان عرفا حكمه من الكتاب والسنة ، ووجدنا أحد الخبرين موافقا للعامّة والآخر مخالفا لهم ، بأيّ الخبرين يؤخذ ؟
قال : « ما خالف العامّة ففيه الرشاد » .
قلت : جعلت فداك ، فإن وافقهما الخبران جميعا ؟
قال : « ينظر إلى ما هم إليه أميل حكّامهم وقضاتهم ، فيترك ، ويؤخذ بالآخر » .
قلت : فإن وافق حكّامهم الخبران جميعا ؟
قال : « إذا كان كذلك ، فارجه حتّى تلقى إمامك ، فإنّ الوقوف عند الشبهات خير من الاقتحام في الهلكات » . (٢)
أقول : هذا الحديث الشريف وحده كاف في هذا الباب ، كافل بإزالة الشكّ والارتياب ، صريح في صحّة طريقة الأخباريّين دون طريقة الاصوليّين ؛ لتضمّنه وجوب الرجوع إلى رواة الحديث فيما رووه من الأحكام عنهم عليهمالسلام ، وعدم إشعاره
__________________
(١) هكذا في « م » والكافي. وفي الف ، ب : بين. وفي الوسائل : عند.
(٢) الكافي ، ج ١ ، ص ٦٨ ، باب اختلاف الحديث ، ح ١٠ ؛ وسائل الشيعة ، ج ١ ، ص ٣٤ ، ح ١٥ ، وفيه قطعة من الحديث ؛ وج ٢٧ ، ص ١٠٧ ، ح ٣٣٣٣٤.