وعمّار ومن ماثلهما من الثقات. (١)
أقول : استفاد بعض المتأخّرين توثيق السكوني من هذا الإجماع ومن الحكم بالمماثلة للثقات. (٢)
وفيه : أنّه يحتمل كون المماثلة في فساد المذهب لكنّ الإجماع على العمل برواياته أوثق من التوثيق ، إذ لم يحصّل مثله إلّا للقليل من الثقات كما هو ظاهر.
وقد ذكر الشيخ في أوّل الاستبصار وغيرها أنّ كلّ حديث لا معارض له فهو مجمع عليه ؛ إذ لم ينقلوا ما يعارضه فقد أجمعوا على نقله ، وكأنّهم أجمعوا على وجوب العمل به ، وعدم إرادة غير ظاهره من تقيّة أو تأويل أو نحوهما. (٣)
وذكر في آخر التهذيب والاستبصار وغيرهما أنّ كلّ حديث عمل به فيهما أو في غيرهما أخذه من الاصول المجمع عليها. (٤)
وقد صرّح جماعة من العلماء والمحقّقين في كتب الرجال والحديث وغيرها بوقوع الإجماع على صحّة أحاديث كثيرة وكتب متعدّدة ، يعلم ذلك بالتتبّع ، وكلّ حديث ثابت موافق للإجماع معتبر فهو مجمع عليه خصوصا وهذا القسم أكثر من أن يحصى ، وأظهر من أن يخفى.
والذي يظهر أنّ قول السيّد المرتضى بعدم حجّيّة خبر الواحد ، واعتماده في جميع المسائل على الإجماع إنّما هو باعتبار أنّ أحاديث الاصول الأربعمائة وأمثالها ممّا كان
__________________
(١) لم نعثر على هذه العبارة في العدّة ، وعبارته فيها ( ج ١ ، ص ١٤٩ ) هكذا : « ولأجل ما قلناه عملت الطائفة بما رواه حفص بن غياث وغياث بن كلوب ونوح بن درّاج والسكوني وغيرهم من العامّة عن أئمّتنا عليهمالسلام فيما لم ينكروه ولم يكن عندهم خلافه » . نعم حكى هذه العبارة عن بعض كتب الشيخ الطوسي المحقّق الحلّي في الرسالة العزية المطبوعة ضمن الرسائل التسع ، ص ٦٥ ، فراجع.
(٢) انظر المعتبر ، ج ١ ، ص ٢٥٢ ؛ وحاشية مجمع الفائدة والبرهان ( للوحيد البهبهاني ) ، ص ٥٤٦.
(٣) الاستبصار ، ج ١ ، ص ٤ ؛ العدّة في اصول الفقه ، ج ١ ، ص ١٢٦.
(٤) لم نعثر بهذا النصّ في التهذيب والاستبصار ، ولكن قال في التهذيب ، ج ٤ ، ص ١٦٨ ذيل الحديث ٥٨٢ ، وفي الاستبصار ، ج ٢ ، ص ٦٦ ذيل الحديث ٢١٥ : « وهذا الخبر لا يصحّ العمل به من وجوه : أحدها أنّ متن هذا الخبر لا يوجد في شيء من الاصول المصنّفة ، وإنّما هو موجود في الشواذّ من الأخبار » .