وحيث قام (١) الدليل القاطع على حجّيّة أخبار الآحاد والظنون المتعلّقة بها كانت أيضا ظنونا مخصوصة كأصالة البراءة ونحوها ، وحينئذ لم يبق ظنّ غير مخصوص عدا الشهرة الخالية عن الدليل كما هو (٢) مفروض المسألة ، ولا يستلزم (٣) من عدم العمل بها المحذور الذي ذكرته ، وهو الخروج من الدين من حيث لا يشعر قائله ، فإنّ في العمل بما عداها مغناة (٤) عنها ، وتحصل (٥) الأحكام الشرعيّة كلّها بحيث لا يشذّ شيء (٦) منها.
قلت : محصّل هذا الكلام على تقدير تسليمه (٧) كون الظنون المستفادة من أخبار الآحاد وما يتعلّق بها ظنونا مخصوصة كأصالة البراءة ونحوها من الكتاب والسنّة المتواترة من غير جهة الدليل الرابع ، بل من جهة الإجماع خاصّة (٨) ، وشناعته واضحة وخرافته ظاهرة ، كيف لا (٩) ولم يشر إلى هذا أحد أصلا ، ولم ينبّه (١٠) عليه مطلقا ، بل يظهر منهم خلافه جدّا سيّما في بحث تخصيص الكتاب بخبر الواحد كما لا يخفى على من راجع كلماتهم وتأمّلها تأمّلا صادقا.
ومع ذلك فالإجماع من المتأخّرين على حجّيّة الآحاد ليس كلّيا بل أجمعوا عليه (١١) في الجملة كالقدماء عند من يدّعي إجماعهم عليه ، وهو حجّيّة أخبار العدل المتّفق على عدالته ، أو الثابت عدالته بالصحبة (١٢) المتأكّدة ، أو الشياع المفيد (١٣) للقطع ، أو البيّنة الشرعيّة.
أمّا أخبار غير العدول (١٤) كذلك ـ (١٥) كالموثّق والحسن والقويّ والضعيف المنجبر بالشهرة ونحوها من القرائن الاجتهاديّة والصحيح المختلف في صحّته ؛ لعدم (١٦) ثبوت
__________________
(١) ر ، س : أقام.
(٢) خ ، ق ، م : هي.
(٣) خ : فلا يستلزم. ش ، ق ومفاتيح : ولا يلزم.
(٤) ش ، م ، ع : منعناه.
(٥) ع ، م : تحصيل. في مفاتيح : يحصل.
(٦) ر ، س : ـ شيء.
(٧) ع ، م ، ر ، س ومفاتيح : تسليم.
(٨) في مفاتيح : إجماع الخاصّة.
(٩) في مفاتيح : ـ لا.
(١٠) خ : + أحد.
(١١) في مفاتيح : عليها.
(١٢) ق ، ر ، س : بالصحّة.
(١٣) خ ، ق : المفيدة.
(١٤) في مفاتيح : + ليست.
(١٥) ش : + وهو.
(١٦) ر ، ق ، ع ومفاتيح : بعدم.