والموافقة (١) للّغة ، فإنّ المتبادر من لفظ « التبيّن » عندهم ليس إلّا ما هو معناه حقيقة في اللغة ، فإذا قال رجل ـ مثلا ـ : تثبّت (٢) الحساب والدفتر ، فبان لفلان عليّ كذا ، فلا شكّ أنّ أهل العرف يفهمون منه حصول العلم والقطع للرجل بالدين ، وقد شهد (٣) بعضهم بل جملة منهم ـ ممّن (٤) خال ذهنه عن الشبهة ـ بذلك بعد عرض المثال عليه.
ومع ذلك تعليل وجوب التثبّت بخوف الوقوع في الندم أوضح شاهد على لزوم كون التثبّت قطعيا ؛ إذ مع ظنّيّته يخاف معه الوقوع في الندم قطعا ؛ إذ الخطأ غير مأمون على الظنون جدّا. ومثل هذا الكلام جار في خبر العدل أيضا ، ولهذا يتأمّل في دلالة الآية على حجّيّة أخبار الآحاد مطلقا ، وهو متين وإن أمكن الجواب عنه لكن بصعوبة كما لا يخفى.
ثمّ (٥) لو سلّم مخالفة العرف للّغة (٦) وفهمهم من (٧) التثبّت ما يعمّ العلمي والظنّي الحاصل من نحو الشهرة ، وأنّه مقدّم عليها حيث حصل معارضة بينهما كما هو الأقوى نقول : إنّ سياق الآية على هذا ظاهر في حجّيّة الشهرة (٨) بنفسها مطلقا ، كان معها رواية أم لا ؛ لظهورها في أنّ الاعتماد في الخبر حقيقة إنّما هو على المبيّن ؛ إذ ليس معنى « تبيّنوا » إلّا حصّلوا البيان والمبيّن ، ورخصة (٩) العمل بمضمونه بعده (١٠) ليست إلّا من حيث كونه هو الكاشف والمصدّق ، وصدق الحكم إنّما ينتهي (١١) إليه (١٢) ، فيكون (١٣) هو الحجّة على إثباته ، وهو مستلزم لحجّيّة الشهرة ؛ لحصول البيان الذي هو المناط في (١٤) العمل بالرواية
__________________
(١) مفاتيح : فالموافقة.
(٢) خ : تبيّن.
(٣) ق : استند.
(٤) ق ومفاتيح : فمن.
(٥) ق ، م : ـ ثمّ. ر ، س « و » بدل : « ثمّ » .
(٦) ر ، س ومفاتيح : اللغة.
(٧) خ : + أنّ.
(٨) نهاية ما سقط من ش.
(٩) خ : وخصّه.
(١٠) المثبت من خ. وفي سائر النسخ : بعد. وفي ر ، س : بعد إلّا.
(١١) ش : ينهض.
(١٢) المثبت من خ. وفي سائر النسخ : « بعد » بدل : « إليه » .
(١٣) ق : ليكون.
(١٤) المثبت من خ ومفاتيح. وفي سائر النسخ : من.