الرجوع إلى أخبار الآحاد وغيرها ، ويحتاج كلّ منها إلى ظنون اجتهاديّة لا تكاد تحصى سندا ومتنا ودلالة وتعارضا ، ودعوى الإجماع على حجّيّة أمثال (١) هذه الظنون لا من حيث كونها ظنّا مع وقوع الخلاف في كثير من جزئياتها (٢) لم أر لها وجها بل يكاد يقطع بفسادها ، فإنّ مع الخلاف كيف يمكن دعوى الوفاق (٣) لعسر (٤) العلم به معه في أمثال هذه الأزمنة غالبا وإن كان ممكنا كما مضى (٥) .
اللهمّ إلّا أن يقال : إنّ وقوع الخلاف في بعض الجزئيات ليس لإنكار المخالف حجّيّة الظنّ المختلف فيه ، بل لمنعه حصول الظنّ من السبب الخاصّ الذي ندّعي (٦) إفادته الظنّ.
وفيه نظر ، فإنّا نرى كثيرا من الظنون المختلف فيها لا يمكن أن يختلف في كونها ظنونا ، مثل تزكية العدل الواحد في اعتبار العدالة ؛ إذ لا ريب في إفادتها الظنّ بها ، ومع ذلك نرى الخلاف في حجّيّتها ، والمنكر لها لا يعتذر إلّا بأنّ مقتضى اشتراط العدالة اعتبار حصول العلم بها (٧) أو ما يقوم مقامه شرعا ومثل ذلك كثير جدّا. وحينئذ (٨) فكيف يمكن دعوى الإجماع على حجّيّة الظنون المتعلّقة بأخبار الآحاد وغيرها من الأدلّة الشرعيّة مطلقا ؟ ! مع أنّ كثيرا من أخبار (٩) الآحاد وغيرها لا تصير (١٠) أدلّة إلّا بعد (١١) مراعاة تلك الظنون المختلف فيها.
ولو سلّم الإجماع على حجّيّة الظنون المتعلّقة بالأدلّة من حيث كونها ظنونا متعلّقة بها فإنّما غايته إثبات حجّيّة الظنّ المتعلّق بما علم أو ثبت (١٢) كونه دليلا وأمّا الظنّ الذي يصير به (١٣) الشيء دليلا ، فلم يستفد منه حجّيّته إلّا أن يدّعى الإجماع على مثل هذا أيضا بدعوى
__________________
(١) مفاتيح : ـ أمثال. خ : مثل.
(٢) خ ، ش : جزئياته.
(٣) خ بهامش مفاتيح : الإجماع.
(٤) مفاتيح : لعدم. خ : لغير. ش : بغير.
(٥) ر ، س ومفاتيح : ـ كما مضى.
(٦) ر ، م ، ق ، س ومفاتيح : يدّعى.
(٧) خ ، ش : ـ بها.
(٨) مفاتيح : ـ وحينئذ.
(٩) ر ، م : الأخبار.
(١٠) ر ، س : لا تعتبر. خ : لا يعتبر.
(١١) خ ، ش : لعدم.
(١٢) خ : يثبت.
(١٣) خ ، ش : فيه.