______________________________________________________
قال في المنتهى : ومعنى قول الفقهاء لا سهو في السهو ، أي لا حكم للسهو في الاحتياط الذي يوجبه السهو ، كمن شك بين الاثنتين والأربع فإنه يصلي ركعتين احتياطا على ما يأتي ، فلو سها فيهما ولم يدر صلى واحدة أو اثنتين لم يلتفت إلى ذلك. وقيل : معناه أن من سها ، فلم يدر هل سها أم لا ، لا يعتد به ولا يجب عليه شيء ، والأول أقرب (١). هذا كلامه رحمهالله.
والظاهر أن مراده بعدم الالتفات إلى ذلك : البناء على فعل المشكوك فيه كما هو ظاهر المعتبر ، فإنه قال : ولا حكم للسهو في السهو ، لأنه لو تداركه أمكن أن يسهو ثانيا ولا يتخلص من ورطة السهو ، ولأن ذلك حرج فيسقط اعتباره ، ولأنه شرّع لإزالة حكم السهو فلا يكون سببا لزيادته (٢).
وذكر المتأخرون أنه يمكن أن يراد بالسهو في كل من الموضعين معناه المتعارف ، وهو نسيان بعض الأفعال أو الشك (٣) ، فيتحصل من ذلك أربع صور :
الأولى : أن يستعمل كل منهما في معناه المتعارف ، ومعناه أنه لا سهو فيما أوجبه السهو ، وذلك بأن يسهو في سجدتي السهو عما يوجب سجود السهو ، أو في السجدة المنسية ، فإنه لا يوجب سجود السهو.
الثانية : أن يسهو في شك أي في فعل ما أوجبه الشك ، بأن يسهو في صلاة الاحتياط عما يوجب سجود السهو في الفريضة ، فإنه لا يوجب سجود السهو فيه أيضا.
الثالثة : أن يشك في سهو أي في وقوع السهو منه ، وحكمه أنه لا يلتفت ، أو في موجب السهو ـ بفتح الجيم ـ كأن يشك في عدد سجدتي السهو أو في أفعالهما قبل تجاوز المحل ، فإنه يبني على وقوع الفعل المشكوك فيه ، إلا أن
__________________
(١) المنتهى ١ : ٤١١.
(٢) المعتبر ٢ : ٣٩٤.
(٣) كالشهيد الثاني في المسالك ١ : ٤٢.