______________________________________________________
الوجوب أقوى ، وهذا يقتضي عدم الترخص إلاّ لأوحدي الناس ، لكن الموجود من النصوص في ذلك لا يدل على إدخال هذا القسم ولا على مطلق المعاصي ، وإنما دل على السفر الذي غايته المعصية (١). هذا كلامه رحمهالله.
ويشكل بأن رواية عمار بن مروان التي هي الأصل في هذا الباب تتناول مطلق العاصي ، وكذا التعليل المستفاد من رواية عبيد بن زرارة ، والإجماع المنقول من جماعة. لكن لا يخفى أن تارك الواجب كالتعلم ونحوه إنما يكون عاصيا بنفس الترك لا بالسفر إلاّ إذا كان مضادا للواجب وقلنا باقتضاء الأمر بالشيء النهي عن ضده الخاص ، وقد تقدم الكلام في ذلك مرارا وأن الظاهر عدم الاقتضاء كما هو اختياره ـ قدسسره (٢) ـ مع أن التضاد بين التعلم والسفر غير متحقق في أكثر الأوقات. فما ذكره ـ قدسسره ـ من أن إدخال هذا القسم يقتضي عدم الترخص إلا لأوحدي الناس غير جيد.
واعلم أن المعصية في السفر مانعة من الترخص ابتداء واستدامة ، فلو قصد المعصية ابتداء أتم ، ولو رجع عنها في أثناء السفر اعتبرت المسافة حينئذ فلو قصر الباقي أتم.
ولو قصد المعصية في أثناء السفر المباح انقطع ترخصه ، فلو عاد إلى الطاعة قصر ، وهل يعتبر كون الباقي مسافة؟ قيل : نعم ، وبه قطع العلاّمة في القواعد (٣) ، لبطلان المسافة الأولى بقصد المعصية فافتقر في عوده إلى التقصير إلى قصد مسافة جديدة.
وقيل : لا ، بل يكفي بلوغ السفر الواقع في حال الإباحة أولا وآخرا مسافة ، وهو ظاهر اختيار المصنف في المعتبر (٤) ، والعلاّمة في المنتهى (٥) ، وبه
__________________
(١) روض الجنان : ٣٨٨.
(٢) تمهيد القواعد : ١٧.
(٣) القواعد ١ : ٥٠.
(٤) المعتبر ٢ : ٤٧٢.
(٥) المنتهى ١ : ٣٩٢.