______________________________________________________
وعلى الأول فلو تباعد الفريقان بالنصاب بأن خرج أحدهما من المصر وأعادوا جميعا الجمعة لم تصح ، لإمكان كون من تأخرت جمعته هم المتخلفون في المصر فلا تشرع فيه جمعة أخرى.
أما لو خرجوا منه جميعا وتباعدوا بالنصاب مع سعة الوقت تعين عليهم فعل الجمعة قطعا.
وأعلم أن المصنف ـ رحمهالله ـ لم يتعرض للصورة الخامسة ، وهي ما لو اشتبه السبق والاقتران ، وقد اختلف الأصحاب في حكمها ، فذهب الشيخ ـ رحمهالله (١) ـ ومن تبعه (٢) إلى وجوب إعادة الجمعة مع سعة الوقت ، تمسكا بعموم الأوامر المقتضية للوجوب ، والتفاتا إلى أصالة عدم تقدم كل من الجمعتين على الأخرى.
وذهب العلامة ـ رحمهالله ـ في جملة من كتبه إلى وجوب الجمع بين الفرضين ، لأن الواقع (٣) إن كان الاقتران فالفرض الجمعة ، وإن كان السبق فالظهر ، فلا يحصل يقين البراءة بدون فعلهما (٤). واحتمل في التذكرة وجوب الظهر خاصة ، لأن الظاهر صحة إحداهما لندور الاقتران جدا فكان جاريا مجرى المعدوم ، وللشك في شرط الجمعة وهو عدم سبق أخرى ، وهو يقتضي الشك في المشروط (٥). وضعفه ظاهر ، فإنا لا نسلم اشتراط عدم السبق ، بل يكفي في الصحة عدم العلم بسبق أخرى.
وذكر الشارح قدسسره : أنه يمكن إدراج هذه الصورة في عبارة المصنف رحمهالله ، فإن السالبة لا تستدعي وجود الموضوع (٦). وهو حسن إلا أنا لم
__________________
(١) المبسوط ١ : ١٤٩.
(٢) منهم يحيى بن سعيد في الجامع للشرائع : ٩٤.
(٣) في « ح » زيادة : في نفس الأمر.
(٤) التذكرة ١ : ١٥٠ ، والقواعد ١ : ٣٧.
(٥) التذكرة ١ : ١٥٠.
(٦) المسالك ١ : ٣٤.