الضلّال ، وحكم عليه بضلالته ، أو خذله وخلّاه ووكله إلى نفسه ، ولم يوفّقه كما وفّق المؤمنين ، لأنّهم لمّا عصوا وخالفوا مع ظهور الحقّ عندهم استحقّوا هذا الخذلان ، فيصيرون ضالّين.
وقال أبو علي الجبائي : معناه أتريدون أن تهدوا إلى طريق الجنّة من أضلّه عن طريقها لأجل نفاقه وكفره؟
(وَمَنْ يُضْلِلِ اللهُ) يحكم بضلالته ، أو يخلّيه حتّى ضلّ ، أو لم يوصله إلى طريق الجنّة (فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلاً) إلى الهدى.
(وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَما كَفَرُوا) تمنّوا أن تكفروا ككفرهم (فَتَكُونُونَ سَواءً) فتكونون معهم سواء في الضلال. وهو معطوف على «تكفرون».
(فَلا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ أَوْلِياءَ) فلا توالوهم (حَتَّى يُهاجِرُوا فِي سَبِيلِ اللهِ) حتّى يؤمنوا وتتحقّقوا إيمانهم بهجرة صحيحة ، وهي لله ورسوله ، لا لأغراض الدنيا وسبيل الله ما أمر بسلوكه.
(فَإِنْ تَوَلَّوْا) عن الإيمان المصاحب للهجرة المستقيمة ، أو عن إظهار الإيمان (فَخُذُوهُمْ) فأسروهم (وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ) في أرض الله ، في الحلّ والحرم ، كسائر الكفرة (وَلا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ وَلِيًّا وَلا نَصِيراً) أي : جانبوهم رأسا ، ولا تقبلوا منهم ولاية ولا نصرة ، وإن بذلوا لكم الولاية والنصرة.
(إِلَّا الَّذِينَ يَصِلُونَ إِلى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثاقٌ) عهد وحلف في ترك المحاربة. وهو استثناء من قوله : «فخذوهم واقتلوهم» أي : إلّا الّذين يتّصلون وينتهون إلى قوم بينكم وبينهم موادعة وعهد وحلف في ترك المحاربة ، فحكمهم حكمكم في حقن دمائهم. وهؤلاء هم الأسلميّون ، فإنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وادع وقت خروجه إلى مكّة هلال بن عويمر الأسلمي ، على أن لا يعين رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ولا يعين عليه ، وعلى أنّ من وصل ولجأ إليه فله من الجوار ـ أي : الأمان ـ مثل الّذي