الّذي أمر الله تعالى به ، كما حكمت بينهم بالرجم (إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ) العادلين ، فيحفظهم ويعظّم شأنهم.
(وَكَيْفَ يُحَكِّمُونَكَ) هؤلاء اليهود (وَعِنْدَهُمُ التَّوْراةُ فِيها حُكْمُ اللهِ) تعجيب من تحكيمهم من لا يؤمنون به وبكتابه ، والحال أنّ الحكم منصوص عليه في الكتاب الّذي عندهم ، وتنبيه على أنّهم ما قصدوا بالتحكيم معرفة الحقّ وإقامة الشرع ، وإنّما طلبوا به ما يكون أهون عليهم ، وإن لم يكن حكم الله في زعمهم.
وقوله : (فِيها حُكْمُ اللهِ) حال من التوراة إن رفعتها بالظرف ، وإن جعلتها مبتدأ فمن ضميرها المستكن فيه. وتأنيثها لكونها نظيرة المؤنّث في كلام العرب لفظا ، كموماة (١) ودوداة.
(ثُمَّ يَتَوَلَّوْنَ) يعرضون عن حكمك الموافق لكتابهم (مِنْ بَعْدِ ذلِكَ) بعد التحكيم ، ولا يرضون به. وهو عطف على «يحكّمونك» داخل في حكم التعجيب (وَما أُولئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ) بكتابهم كما يدّعون ، لإعراضهم عنه أوّلا ، وعمّا يوافقه ثانيا. أو بك وبه.
(إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْراةَ فِيها هُدىً) يهدي إلى الحقّ والعدل (وَنُورٌ) يكشف عمّا استبهم من الأحكام (يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ) يعني : أنبياء بني إسرائيل ، لا جميع النبيّين ليلزم أنّ نبيّنا كان متعبّدا بأحكامها قبل المبعث (الَّذِينَ أَسْلَمُوا) صفة أجريت على النبيّين مدحا لهم ، وتنويها بشأن المسلمين ، وتعريضا باليهود ، وأنّهم بمعزل عن دين الإسلام الّذي هو دين الأنبياء كلّهم ، قديما وحديثا (لِلَّذِينَ هادُوا) متعلّق بـ «أنزل» أو بـ «يحكم» ، أي : يحكمون بها في تحاكمهم. وهو أقرب لفظا ومعنى. أمّا لفظا فظاهر. وأمّا معنى فلأنّ المذهب الحقّ أنّ نبيّنا ليس متعبّدا بالشرائع السابقة ، لا قبل البعثة ولا بعدها.
__________________
(١) الموماة : الفلاة التي لا ماء فيها. والدوداة : الأرجوحة التي يلعب بها الصبيان.