(وَأَنْتُمْ حُرُمٌ) أي : محرمون بحجّ أو عمرة ، جمع حرام ، كرداح (١) وردح. وهو مصدر سمّي به المحرم مجازا.
واختلف في المعنيّ بالصيد ، فقيل : هو كلّ الوحش ، أكل أم لم يؤكل. وهو قول أهل العراق. واستدلّوا بقول عليّ عليهالسلام :
صيد الملوك ثعالب وأرانب |
|
فإذا ركبت فصيدي الأبطال |
وقيل : هو كلّ ما يؤكل لحمه ، لأنّه الغالب فيه. وهو قول الشافعي. ويؤيّده قوله عليهالسلام : «خمس يقتلن في الحلّ والحرم : الحدأة (٢) ، والغراب ، والعقرب ، والفأرة ، والكلب العقور». وفي رواية بدل العقرب الحيّة.
وفيه تنبيه على قتل كلّ مؤذ.
وأمّا أصحابنا فقالوا : إنّ المحلّل حرام مطلقا. وأمّا المحرّم فقالوا بتحريم الأسد والثعلب والأرنب والضبّ واليربوع والقنفذ ، لتظافر الروايات عن أهل البيت عليهمالسلام.
واختلف أيضا في أنّ هذا النهي هل يلغي حكم الذبح ، فيلحق مذبوح المحرم بالميتة ومذبوح الوثني ، أو لا ، فيكون كالشاة المغصوبة إذا ذبحها الغاصب؟ وأصحابنا على الأوّل. ويؤيّده إيثار «لا تقتلوا» على : لا تذكّوا أو لا تذبحوا.
(وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّداً) ذاكرا لإحرامه ، عالما بأنّه حرام عليه قتل ما يقتله. والأكثر على أنّ ذكره ليس لتقييد وجوب الجزاء ، فإنّ إتلاف العامد والمخطئ واحد في إيجاب الضمان ، وهو المرويّ عن أئمّتنا عليهمالسلام ، بل لقوله : (وَمَنْ عادَ فَيَنْتَقِمُ اللهُ مِنْهُ). ولأنّ الآية نزلت في من تعمّد ، إذ روي أنّه عنّ لهم في عمرة الحديبية حمار وحش ، فطعنه أبو اليسر برمحه فقتله ، فنزلت.
(فَجَزاءٌ مِثْلُ ما قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ) برفع الجزاء والمثل. قرأه الكوفيّون ويعقوب ، بمعنى : فعليه ، أي : فواجبه جزاء يماثل ما قتل من النعم. فيكون مبتدأ ، و «مثل»
__________________
(١) الرداح : الشجرة الكبيرة.
(٢) الحدأة : طائر من الجوارح.