(إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) بكمال قدرته وصحّة نبوّتي ، أو صدقتم في ادّعاء الإيمان. وعلى الوجوه الأخر معناه : لا تقترحوا الآيات ، ولا تقدّموا بين يدي الله ورسوله ، لأنّ الله تعالى قد أراهم البراهين والمعجزات بإحياء الموتى وغيره ممّا هو آكد ممّا سألوه.
وفي هذا دلالة على عدم استحكام دينهم ، وقلّة معرفتهم بالله وصفاته.
(قالُوا نُرِيدُ أَنْ نَأْكُلَ مِنْها) هذا تمهيد عذر ، وبيان لما دعاهم إلى السؤال ، وهو أن يتمتّعوا بالأكل منها (وَتَطْمَئِنَّ قُلُوبُنا) بانضمام علم المشاهدة إلى علم الاستدلال بكمال قدرته ، فإنّ الدلائل كلّما كثرت مكّنت المعرفة في النفس.
(وَنَعْلَمَ أَنْ قَدْ صَدَقْتَنا) في ادّعائك النبوّة ، أو أنّ الله يجيب دعوتنا (وَنَكُونَ عَلَيْها مِنَ الشَّاهِدِينَ) إذا استشهدتنا عند الّذين لم يحضروها من بني إسرائيل. أو من الشاهدين للعين ، دون السامعين لما يخبر. أو من الشاهدين لله بالوحدانيّة ، ولك بالنبوّة.
(قالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ) لمّا رأى أنّ لهم غرضا صحيحا في ذلك ، أو أنّهم لا يقلعون عنه ، فأراد إلزامهم الحجّة بكمالها (اللهُمَّ رَبَّنا أَنْزِلْ عَلَيْنا مائِدَةً مِنَ السَّماءِ) أصل اللهمّ يا الله ، فحذف حرف النداء ، وعوّضت الميم منه. و «ربّنا» نداء ثان (تَكُونُ لَنا عِيداً) أي : يكون يوم نزولها عيدا نعظّمه ، وهو يوم الأحد ، ومن ثمّ اتّخذه النصارى عيدا. وقيل : العيد السرور العائد ، ولذلك سمّي يوم العيد عيدا ، أي : يكون لنا سرورا وفرحا. (لِأَوَّلِنا وَآخِرِنا) بدل من «لنا» بإعادة العامل ، أي : عيدا لمتقدّمينا ومتأخّرينا ، يعنون : لمن في زماننا من أهل ديننا ولمن يأتي بعدنا. وقيل : معناه : يأكل منها أوّلنا وآخرنا. ويجوز أن يريد المقدّمين منّا والأتباع.
(وَآيَةً مِنْكَ) صفة لها ، أي : آية كائنة منك تدلّ على كمال قدرتك وصحّة نبوّتي (وَارْزُقْنا) المائدة ، أو الشكر عليها (وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ) خير من يرزق ،
__________________
تحقيق واستحكام معرفة.