وقيل : كانوا يجلسون على المراصد فيقولون لمن يريد شعيبا : إنّه كذّاب فلا يفتننّك عن دينك ، ويوعدون لمن آمن به.
وقيل : كانوا يقطعون الطريق. وقيل : كانوا عشّارين.
ويؤيّد الأوّل قوله : (وَتَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ) يعني : الّذي قعدوا عليه.
فوضع الظاهر موضع المضمر ، بيانا لكلّ صراط ، ودلالة على عظم ما يصدّون عنه ، وتقبيحا لما كانوا عليه. أو الإيمان بالله تعالى. ومحلّ «توعدون» و «تصدّون» النصب على الحال من الضمير في «تقعدوا» أي : ولا تقعدوا موعدين وصادّين عن سبيل الله ، وباغيها عوجا.
(مَنْ آمَنَ بِهِ) أي : بالله ، أو بكلّ صراط على الأوّل. و «من» مفعول «تصدّون» على إعمال الأقرب. ولو كان مفعول «توعدون» لقال : وتصدّونهم.
(وَتَبْغُونَها عِوَجاً) وتطلبون لسبيل الله تعالى عوجا ، بإلقاء الشبه ، أو بوصفها للناس بأنّها معوجّة غير مستقيمة ، لتصدّوهم عن سلوكها والدخول فيها.
(وَاذْكُرُوا إِذْ كُنْتُمْ قَلِيلاً) عددكم (فَكَثَّرَكُمْ) بالبركة في النسل. و «إذ» مفعول به غير ظرف ، أي : واذكروا على وجه الشكر وقت كونكم قليلا عددكم.
قيل : إنّ مدين بن إبراهيم الخليل عليهالسلام تزوّج بنت لوط فولدت له ، فرمى الله في نسلها بالبركة والنماء ، فكثروا. ويجوز أن يكون معناه : إذ كنتم فقراء مقلّين فجعلكم أغنياء مكثرين.
(وَانْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ) آخر أمر من أفسد قبلكم من الأمم ، واعتبروا بهم ، كقوم نوح وهود وصالح ولوط ، كانوا قريبي العهد ممّا أصاب المؤتفكة.
(وَإِنْ كانَ طائِفَةٌ مِنْكُمْ آمَنُوا بِالَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ) وقبلوا قولي (وَطائِفَةٌ لَمْ يُؤْمِنُوا) لم يصدّقوني (فَاصْبِرُوا) فتربّصوا وانتظروا (حَتَّى يَحْكُمَ اللهُ بَيْنَنا) أي : بين الفريقين بنصر المحقّين على المبطلين. فهو وعد للمؤمنين ووعيد للكافرين ،