وجوب مراعاة الترتيب كما يظهر بالتأمّل فيهما ، ويظهر الثاني من رواية زرارة أيضاً (١).
وأما البيانيّة ، فقد يناقش فيها بعدم الدلالة على الوجوب ، كما مرّت الإشارة إليه ، وقد يعارض بما تقدّم من الأخبار الدالّة على الإعادة بما يحصل معه الترتيب فيمن نسي الترتيب ، وبما دلّ على أخذ الماء من اللحية وغيرها إذا نسي المسح ودخل في الصلاة ، وغيرها مما دلّ على عدم إضرار التفريق.
ويمكن أن يقال : اجتماع أدلّتهم يورث ظنّاً قوياً بالاعتبار ، وإن كان كلّ منها مما يمكن المناقشة فيه ، فيحصل الشكّ في الامتثال بدونه. وأما المعارضات ، ففيها أنّها إما مخصصات ، أو غير منافيات للتتابع المعتبر (٢).
ويمكن أن يُجعل المعيار هو انمحاء صورة الوضوء في عرف المتشرّعة ، فيثبت به مصطلح الشارع بأصالة عدم النقل ، كما يتمسّك بذلك في تحقيق منافاة الفعل الكثير للصلاة ، فلا ريب في أنّ من غسل وجهه ويده اليمنى (٣) وجلس يأكل الطعام ويكلّم الجلساء مدة مديدة لا يقال له «إنّه متوضّئ» وإن قام بعد ذلك وتمّمه أيضاً ، بل يصحّ سلب الاسم عنه ، وإن بَقَت الرطوبة في أعضائه ، فلا يكفي مطلق اعتبار الجفاف. فالأولى تقديم اعتبار الموالاة بهذا المعنى ، واشتراط الوضوء به أيضاً ، وأما الوجوب الشرعي بمعنى العقاب على تركها على حدة (٤) فلا نفهمه من الأدلّة.
نعم تجب الموالاة أيّاً ما كانت من باب المقدّمة.
فحينئذٍ فما دلّ على اعتبار الجفاف وعدمه في صورة التفريق لعذرٍ مخصّص لهذه
__________________
(١) الكافي ٣ : ٣٤ ح ٥ ، الفقيه ١ : ٢٨ ح ٨٩ ، التهذيب ١ : ٩٧ ح ٢٥١ ، الاستبصار ١ : ٧٣ ح ٢٢٣ ، الوسائل ١ : ٣١٥ أبواب الوضوء ب ٣٤ ح ١. وفيها : تابع بين الوضوء كما قال الله عزوجل ابدأ بالوجه ثم باليدين ..
(٢) في «م» : التتابع المعتبرة.
(٣) في «م» زيادة : في فصل الشتاء في غاية رطوبة الهواء.
(٤) في «ح» : حدّه.