وبأنّ الرفع والاستباحة قد يتفارقان في غسل الحائض بدون الوضوء ، والمتيمّم ، ولا يكفي قصد أحدهما عن الأخر.
ولا يخفى ضعفه ، لمنع لزومه (أصلاً) (١) ، فضلاً عن الاجتماع.
ثمّ إنّ المتداول في ألسنتهم «من اشتراط الاستباحة للصلاة في الوضوء ، واستدلالهم على ذلك بالآية» مبنيّ على الغالب ، أو على العمدة التي هي الوضوء للصلاة ، وإلّا فليس كلّما يشرع له الوضوء صلاة ، ولا مما لا يباح إلّا به ، فإنّه يستحبّ للقراءة ولدخول المساجد ونحوهما أيضاً. ففي الطواف لا بد لهم من اشتراط استباحته ، وكذلك في مسّ كتابة القرآن ونحوهما ، بخلاف ما تقدّم ، فإنّ الوضوء إنّما هو لتحصيل كماله ، فلو نوى ما يكون الوضوء مكمّلاً له فإما أن يقصد استباحته أو كماله أو نفسه.
فأما الأوّل فمقتضى أدلّتهم عدم الصحّة ، كما حكم به الشيخ (٢) وابن إدريس (٣) ، لأنّه مباح بدون ذلك.
وأما لو قصد الكمال ، فالظاهر الصحة ، لاستلزامه قصد رفع الحدث ، لأنّ الكمال لا يحصل إلّا برفع الحدث ، ومع حصوله يجوز الدخول به في المشروطات أيضاً ، وكلام الشيخ وابن إدريس لا ينفيه.
وكذلك لو قصد أصل الفعل ، لانصرافه إلى الوجه الصحيح ، وهو تحصيل الكمال.
وبالجملة يلزم على طريقتهم على مجاراة (٤) ما تقدّم قصد الغاية ، استباحة ،
__________________
(١) ليست في «م».
(٢) المبسوط ١ : ١٩ ، قال : ومتى نوى استباحة فعل من الأفعال التي ليس من شرطه الطهارة لكنّها مستحبّة .. لم يرتفع حدثه لأنّ فعله ليس من شرطه الطهارة.
(٣) السرائر ١ : ٩٨.
(٤) في «م» : محاذات ، وفي «ح» : مجازات.