ويدلّ عليه أيضاً : قوله تعالى (وَما أُمِرُوا إِلّا لِيَعْبُدُوا اللهَ) (١) الآية وما دلّ على حرمة الرياء وحرمة العمل المراءى فيه ، كقوله تعالى (يُراؤُنَ النّاسَ) (٢) و (لا يُشْرِكْ بِعِبادَةِ رَبِّهِ أَحَداً) (٣) وغير ذلك ، والنهي في العبادات مستلزم للفساد.
وذكروا في معنى القصد لله تعالى وجوهاً ، أفضلها : الإتيان بالعبادة لكونه تعالى أهلاً لها ، ثم للحياء منه والمهابة ، ثمّ للشكر له والتعظيم ، ثم لامتثال أمره وموافقة إرادته ، ثم للقرب منه والهرب عن البعد عنه ، ثم لنيل الثواب عنده أو الخلاص من عقابه.
فلم يؤخذ في النظر شيء في الأوّل حتّى أمر الأمر ، بل لأنّ الحُسن بالذات إنّما هو للحَسن بالذات.
وفي الثاني ، وإن لم ينظر فيه إلى أمر الأمر أيضاً ، لكنه اعتبر هناك جاذب إلى الفعل ، وهو الحياء والمهابة ، فكأنّه شيء يضعف الاختيار ، لكنه ليس بشيء تعود فائدته إليه.
وفي الثالث لا يخلو المقام عن النظر إلى الفائدة وإن كانت متقدّمة ، فينزل عن سابقيه.
وفي الرابع ، ملاحظة أمره وموافقة إرادته ، فالداعي الخارج عن نفس المكلّف هناك أقوى من سابقيه ، فينزل عنهما.
وفي الخامس ، ملاحظة الفائدة المتأخرة عن الفعل وإن كانت روحانيّة.
وأما الأخيران فيثوب (٤) فيهما الدواعي من الملائمات الجسمانيّة.
__________________
(١) البيّنة : ٥.
(٢) النساء : ١٤٢.
(٣) الكهف : ١١٠.
(٤) في «ز» : فيثور ، وقد تقرأ فينوب ، وثاب هنا بمعنى رجع ، ويحتمل كونها تصحيف فتكون.