وحكم جماعة من الأصحاب بكراهة مباشرة سؤر كلّ متّهم بالنجاسة. ودليلهم الاحتياط (١).
وأنت خبير بأنّه ينافي المعهود من أفعالهم وأقوالهم عليهمالسلام ، حيث حكموا بطهارة أواني المشركين ، وبلبس الثياب التي نسجوها ؛ بل ولبسوها (٢) ، وبطهارة الثوب الذي استعاره الذمي ولبسه ، وغير ذلك.
مع أنّ في الفقيه روى عن عليّ عليهالسلام أنّه سئل : أيتوضّأ من فضل وضوء جماعة المسلمين أحبّ إليك ، أو يتوضّأ من ركو أبيض مخمّر؟ فقال : «لا ، بل من فضل وضوء جماعة المسلمين ، فإنّ أحبّ دينكم إلى الله الحنيفيّة السمحة السهلة» (٣).
ويمكن أن يكون ذلك لأجل الرخصة وتسهيل الأمر ، لئلا يقع الحرج ، وإن كان الاحتياط أيضاً حسناً ، لكن إذا لم ينته إلى الوسواس المولّد للمعاصي الكثيرة ، الباعث على الحرمان عن لذة الطاعة.
واختلفوا في جواز الطهارة بالمستعمل في رفع الحدث الأكبر بعد اتّفاقهم على جوازها بالمستعمل في رفع الحدث الأصغر على قولين ، الأشهر الأظهر العدم (٤) ، وذهب جماعة إلى الكراهة (٥).
لنا : صحيحة محمَّد بن مسلم ، عن ماء الحمام فقال : «ادخله بإزار ، ولا تغتسل من ماء آخر ، إلّا أن يكون فيه جنب ، أو يكثر أهله فلا يدرى فيهم جنب أم لا؟» (٦)
__________________
(١) كالشهيد الأوّل في البيان : ١٠١ ، والشهيد الثاني في الروضة البهيّة ١ : ٢٨١.
(٢) الوسائل ٢ : ١٠٩١ أبواب النجاسات ب ٧٢ ، ٧٣.
(٣) الفقيه ١ : ٩ ح ١٦ ، الوسائل ١ : ١٥٢ أبواب الماء المضاف ب ٨ ح ٣.
(٤) ذهب إلى هذا القول الشيخ المفيد في المقنعة : ٦٤ ، والشيخ الطوسي في المبسوط ١ : ١١ ، والصدوق في الفقيه ١ : ١٠.
(٥) كفخر المحقّقين في الإيضاح ١ : ١٩ ، والشهيد في البيان : ١٠٢.
(٦) التهذيب ١ : ٣٧٩ ح ١١٧٥ ، الوسائل ١ : ١١١ أبواب الماء المطلق ب ٧ ح ٥.