زرارة (١) ، والأصل ، والاستصحاب ، وعدم التزام المكلّفين الإتيان بها عند مظنّة الموت.
وأما غسل الجنابة ، فذهب جماعة من المتأخّرين إلى كونه واجباً لنفسه (٢) ، لقوله عليهالسلام في صحيحة زرارة : «إذا التقى الختانان فقد وجب الغسل» (٣) وما في معناه من الأخبار المعتبرة الكثيرة.
وفيه : أنّ بعد ملاحظة تأدّي نظائرها من سائر الطهارات من الأحداث والأخباث بمثل ذلك كقولهم : وجب الوضوء ، وغسل الحيض واجب ، وغسل النفاس واجب ، واغسل ثوبك ، وما (٤) ورد في غسل الأواني ، وغيرها مما لا يحصى كثرة مع أنّ المراد منها الوجوب للغير ، سيّما مع معهوديّة اشتراط الغير بها ؛ لا يبقى وثوق (٥) بالاتّكال على أصالة الحقيقة لو سُلّم تبادر الواجب المطلق من مطلق الواجب. سيّما مع كون المحتاج إليه العام البلوى هو الوجوب الغيري المتفق عليه ، لا الوجوب النفسي النادر الاحتياج المختلف فيه ، فينصرف إليه.
ولذلك قال المحقّق : إخراج غسل الجنابة من جميع ذلك تحكّم بارد (٦) ، فالأصل ينفيه ولا حاجة إلى دليل.
ولو سلّمنا دلالة المطلقات ، فنجيب عنها بتقييدها بمفهوم الآية ، فإنّ الظاهر أنّ قوله تعالى (وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً) عطف على قوله (فَاغْسِلُوا) والظاهر أنّ التقدير : فإن كنتم محدثين بالأصغر (فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ) ، (وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا). سيّما مع ما
__________________
(١) وهو قول أبي جعفر عليهالسلام : إذا دخل الوقت وجب الطهور والصلاة. الفقيه ١ : ٢٢ ح ٦٧ ، التهذيب ٢ : ١٤٠ ح ٥٤٦ ، الوسائل ١ : ٢٦١ أبواب الوضوء ب ٤ ح ١.
(٢) كالعلامة في المختلف ١ : ٣٢١ ، والمنتهي ٢ : ٢٥٦ ، وفخر المحقّقين في الإيضاح ١ : ٤٧.
(٣) التهذيب ١ : ١١٩ ح ٣١٤ ، الوسائل ١ : ٤٧٠ أبواب الجنابة ب ٦ ح ٥.
(٤) في «م» ، «ح» : ولما.
(٥) في «ز» : لا يبقى وصول بها.
(٦) نقله عن المسائل المصريّة للمحقّق في جامع المقاصد ١ : ٢٦٣.