الحيض الرجوع إلى التمييز ، ثم النساء ، ثم الروايات. ولكن مقتضى كلام الجماعة الأخذ بالعشرة مطلقاً ، إلّا أنّ الشهيد في البيان قال في المبتدأة إذا تجاوزت العشرة فالأقرب الرجوع إلى التمييز ثم النساء ثم العشرة ، والمضطربة إلى العشرة بعد فقد التمييز (١) (٢).
ويمكن توجيه كلامهم : بأنّ ما يأتي «من الإجماع على اتّحاد حكم الحائض والنفساء إلّا ما استثني» يقتضي الحكم بأنّ كلّ ما يمكن أن يكون نفاساً فهو نفاس.
وأما جريان أحكام التمييز والنساء والروايات فهو مستثنى ، فتبقى المبتدأة والمضطربة تحت حكم قاعدة الإمكان.
فحصل من جميع ما ذكرنا كون ذلك إجماعياً عندهم ، وإلّا فالإجماع من الأدلّة القطعيّة ، ولا يقبل التخصيص ، فحينئذٍ مخالفة الشهيد غير مضرّة لمن سبق عليه بدعوى الإجماع ، ولا يمكن مثل هذا الكلام في ذات العادة ، ولاستلزامه ترك الصحاح الكثيرة المعمول عليها.
وأما ما دلّ على الثمانية عشر ، فمحمولة على التقيّة ، مع أنّ في تلك الأخبار ما يدلّ على أنّ الحكم بالغسل بعد الثمانية عشر إنّما كان لأنّ السؤال عن الحكم كان عند
__________________
(١) البيان : ٦٧.
(٢) إشارة إلى دفع ما يمكن أن يقال على ظاهر كلام الجماعة من الأخذ بالعشرة مع ملاحظة كلماتهم السابقة المذكورة في بيان أكثر الحيض ، واستدلالاتهم مبنيّة على ارتباط دم النفاس مع الحيض ، ومقتضى ذلك رجوع المبتدأة المتجاوز دمها عن العشرة إلى التمييز والنساء كالحيض ، فإنّها بظاهرها متدافعة ، فيحتاج إخراج حكم المبتدأة المذكورة عن أحكام الحيض ولم يذكروا له دليلاً ، ولم يظهر هنا حكمها من الأدلّة السابقة. وحاصل توجيه كلامهم أنّ الفاضلين ادّعيا الإجماع على اتّحاد أحكام الحائض والنفساء كما سيجيء ذكره فيما بعد ، واستثنى من ذلك أُموراً ، منها الرجوع إلى التمييز والنساء ، ويبقى في جملة المستثنى منه أنّ ما يمكن أن يكون نفاساً في جملة العشرة فيحكم بكون مجموع العشرة نفاساً بدليل الإجماع يرد به المقطوع به عند مدّعيه ، فاستثناء المذكورات شاهد على كون الباقي داخلاً في الإجماع فيكون إجماعيّاً (منه رحمهالله).