وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ) (١) و «المؤمن معقّب ما دام متطهّراً» (٢) ونحو ذلك ، فلا يدلّ إلّا على استحباب الكون على الطهارة ، هو غير ما نحن فيه كما مرّت الإشارة إليه.
ويستحبّ أيضاً لكلّ مندوبٍ مشروطٍ بالطهارة ، صحّة أو كمالاً ، كالصلاة ، والطواف ، ومسّ كتابة القرآن ، وقراءته ، ودخول المساجد ، وغيرها مما مرّ في الوضوء مما استحبّ فيه الوضوء للمحدث بالحدث الأصغر ، إما من جهة أنّ دليله ثَمَة كان يقتضي استحباب مطلق الطهارة ، أو لكون الغسل مجزئاً عن الوضوء في غيرها ، سواء كان منفرداً كغسل الجنابة ، أو مع الوضوء كغسل الحيض.
لا يقال : إنّ الشرط حينئذٍ هو الوضوء ، فأين استحباب الغسل.
لأنّا نقول : حدث الحيض مثلاً مناقض للوضوء ، فلا يجدي الوضوء فقط ، فهذه الأغسال لا تشرع إلّا مع حصول الأحداث الموجبة لها ، المانعة عن المشروطات.
ويظهر من المعتبر في مواضع متعددة استحباب أصل الغسل وإنّ لم يحصل له سبب من الأسباب المتقدّمة ، ولا مما يجيء. والظاهر أنّه كان من المسلّمات عند الفقهاء ، فهو رحمهالله كثيراً ما يطعن في سند الروايات الواردة في الأغسال الاتية ، ويعتمد على أنّ فعل الغسل خير (٣).
وصرّح بذلك في المنتهي أيضاً (٤) ، وكذلك الشهيدان (٥) ، ولا بأس بمتابعتهم.
ولكن الظاهر أنّه لا يجزئ عن الوضوء ، ولا يرفع الحدث. ويجيء على القول بإجزاء مطلق الغسل عن الوضوء الاكتفاء به ، وقد عرفت أنّ المذهب
__________________
(١) البقرة : ٢٢٢.
(٢) الفقيه ١ : ٣٥٩ ح ١٥٧٦ ، الوسائل ٤ : ١٠٣٤ أبواب التعقيب ب ١٧ ح ٢.
(٣) انظر المعتبر ١ : ٣٥٥ ، ٣٥٦ ، قال : والغسل مستحبّ مطلقاً.
(٤) المنتهي ٢ : ٤٦٦ ، قال : لأنّه طاعة في نفسه.
(٥) كالشهيد الأوّل في النفليّة : ٨ ، والذكرى : ٢٤ ، والشهيد الثاني في المقاصد العليّة : ٤٠ ، وروض الجنان : ١٧.