المحقّق (١) ، ولأنّه لو كان حدثاً للزم مساواة مقتضاه ، فما الذي أوجب الفرق بوجوب الغسل على المجنب والوضوء على غيره؟ فالذي حصل من التيمّم هو إباحة الدخول في المشروطات إلى أن يجد الماء ، أو يحصل حدث جديد وإن كان حدثاً أصغر.
ولا يذهب عليك أنّ المراد بعدم رفع الحدث المدّعى عليه الإجماع هو رفع نفس الحالة ، فلا ينافي ما ذهب إليه بعض الأصحاب من ارتفاعه إلى زمان (٢).
والحاصل أنّ الحدث قد يطلق على السبب كالبول. وقد يطلق على الحالة المسببة عنه ، وهي المهانة الحاصلة للنفس المانعة عن الدخول في المشروطات كما أشرنا إليه في أوائل الكتاب. وقد يطلق على وصف مانعيّة تلك الحالة.
ولا كلام في الأوّل ، والذي ادّعي على عدم رفعه الإجماع هو نفس الحالة ، والذي جوّز بعض الأصحاب ارتفاعه هو وصف تلك الحالة ، ولا مانع من ارتفاعه في وقت دون وقت. فالنزاع لفظي كما أشرنا إليه سابقاً.
وقد يستدلّ على المشهور بصحيحة زرارة ، عن الباقر عليهالسلام : «ومتى أصبت الماء فعليك الغسل إن كنت جنباً ، والوضوء إن لم تكن جنباً» (٣).
وبصحيحة محمّد بن مسلم عن أحدهما عليهالسلام : في رجل أجنب في سفر ومعه قدر ما يتوضّأ به ، قال : «يتيمّم ولا يتوضّأ» (٤) ودلالتهما غير واضحة.
وحجّة السيد : أنّ حدثه الأوّل قد ارتفع إلى زمان التمكّن من الغسل ، فلا يرجع حكمه قبل حصول جنابة أُخرى ، أو حصول التمكّن من الغسل ؛ والحدث الأصغر لا يوجب إلّا الوضوء أو التيمّم بدلاً عنه (٥).
__________________
(١) المعتبر ١ : ٣٩٤.
(٢) المدارك ٢ : ٢٥٣.
(٣) التهذيب ١ : ٢١٠ ح ٦١١ ، الاستبصار ١ : ١٧٢ ح ٥٩٩ ، الوسائل ٢ : ٩٧٨ أبواب التيمّم ب ١٢ ح ٤.
(٤) التهذيب ١ : ٤٠٥ ح ١٢٧٢ ، الوسائل ٢ : ٩٩٦ أبواب التيمّم ب ٢٤ ح ٤.
(٥) حكى احتجاجه في المختلف ١ : ٤٥٢.