ففيه : أنّ النكرة الواقعة في سياق الإثبات لا عموم لها ، ولا يمكن دعوى عدم القول بالفصل في هذه المعركة العظمى.
ودعوى أنّ المستفاد من تتبع أخبار نجاسة الماء القليل أنّ الأصل فيه النجاسة حتّى يثبت المخرج ، فهي غير بينة ولا مبينة.
وبالجملة لم نقف على ما تطمئن إليه النفس يدلّ على نجاسة الغُسالة ، سيّما فيما لو ورد الماء على النجاسة.
ثم قال في المدارك : إنّ جماعة من الأصحاب ذكروا أنّ من قال بطهارة الغُسالة اشترط ورود الماء (١).
أقول : وهو غير واضح المأخذ كما عرفت ، إلّا أن يثبت إجماع مركب ، فيكون القول بالطهارة مطلقاً خرقاً له ، وهو غير معلوم ، بل المستفاد من كلام الشهيدين (٢) وغيرهما عدمه.
ومع هذا كلّه فلا ينبغي ترك الاحتياط سيّما فيما ورد النجس على الماء ، فإنّه لا يخلو عن إشكال ، وإن كان ظاهر الأدلّة ما ذكرنا.
وأما دليل السيد ومن تبعه وجوابه فيظهر مما مرّ. وأما سائر الأقوال فلا دليل عليها يعتد به ، وتظهر أدلّتها وجوابها من التأمّل فيما مرّ.
ثم إنّ الظاهر أنّ الغُسالة على القول بنجاستها لا يلحق حكمها بالمحلّ ، فيكفي غسل ما أصابته مرّة ، وفاقاً لجماعة من المتأخّرين (٣) كما هو مقتضى إطلاق بعض أدلّة القائلين بالنجاسة ، وهي رواية العيص ، وإن كان في الاستدلال بها إشكال.
وهاهنا أقوال أُخر نقلها ابن فهد (٤) ، ومنها : أنّ حكمها حكم المحلّ بعد تلك
__________________
(١) مدارك الأحكام ١ : ١٢٢.
(٢) الذكرى : ٩ ، روض الجنان : ١٥٩.
(٣) كالشهيد الثاني في الروضة البهيّة ١ : ٣١٠ ، وانظر مشارق الشموس : ٢٥٤.
(٤) المهذب البارع ١ : ١١٨.