أراد أنّه داخل في خصوص غسل الثوب ، فلم نجد هذا الفرق في اللغة ولا في العرف.
مع أنّ ما استدلّ به من الرواية يضرّه ، إذ ظاهر مقابلة الصبّ بالغسل أنّه لا يجب الغسل في البدن ، وفيه أنّ الأمر به في الأخبار سيّما في الاستنجاء من البول وغيره مما لا يحصى.
مع أنّ الرواية التي نقلناها في بول الرضيع ناطقة بأن بول الرضيع قبل الأكل يصبّ عليه الماء ، وإذا أكل فيجب غسله ، وعلى هذا فيجب أن يكون بول الفطيم أقوى من بول الرجل.
وقد ذكرنا ثمة أنّ المراد بالصبّ هو الأعمّ من الغسل ، وأنّه لا يجب في بول الرضيع انفصال الماء ، بل ولا جريانه ، بخلاف ما لو أكل ، فيجب الجريان والانفصال ، سواء في ذلك البدن والثوب ، لإطلاق الرواية.
فعلى ما ذكرنا لا بدّ لنا من تأويل هذه الرواية : بأنّ المراد فيها أنّ الصبّ يكتفى به ، يعني لا حاجة إلى الدلك ، لا أنّه لا يجب تحصيل مسمى الغسل عرفاً ، لأنّ وجوب إجراء الماء وانفصاله مما ثبت بالإجماع والأخبار ، وإلّا فلم يبق فرق بينه وبين بول الرضيع.
فعلم أنّ المراد بالصبّ ليس هو الصبّ المذكور ثمة ، بل المراد نوع مخصوص من الغسل ، وذلك لا يوجب عدم وجوب الغسل وعدم صدق الغسل عليه ، ولا يوجب اختصاص الغسل بما كان فيه عصر. وحينئذٍ فيلزم ارتكاب خلاف الظاهر في اللفظين هنا (١) وإبقاؤهما على حقيقتهما في بول الرضيع.
نعم لو خصصت رواية الرضيع بالثوب ، وجعل معنى الصبّ في الروايتين واحداً ، لحصل فرق بين بول الرضيع وغيره في الثوب فقط ، لكنه تقييد لا دليل عليه. مع أنّه يلزم على هذا التجوّز في الروايتين بخلاف ما ذكرنا.
__________________
(١) ارتكاب خلاف الظاهر إنّما هو من جهة إطلاق الكلّي وإرادة الفرد مع قيد الخصوصيّة فليتدبر (منه رحمهالله).