لا يخالف المشهور ، بل ذلك لتحقّق الاستمداد والتقوّي ، لعدم إمكان العلم بالاستمداد حين الملاقاة إذا كانت المادّة لا تزيد على الكرّ أصلاً ، لأنّه حين الجريان غير قارّ ، وهو على صدد التناقص.
والمحقّق لم يعتبر الكرّيّة نظراً إلى الإطلاق ، فاكتفى بصدق المادّة عرفاً (١) ، واكتفى بعضهم بكون المجموع كرّاً (٢).
ولعلّ نظر المشهور إلى أنّ الغالب في ماء الحمّام هو التسنّم من انبوبة ونحوها ، ومع اعتبار اتّحاد الماء وتساوي السطوح في الكرّ فلا يمكن الحكم بعدم نجاسة هذا الماء بعد الملاقاة من جهة كونه كرّاً ، فيبقى الاعتماد في هذا الحكم بالتقوّي والاستمداد لهذه الروايات ، وإلا لكان يكفي بلوغ المجموع كرّاً في ماء الحمّام بطريق أولى ، للزوم الحرج فيه أكثر من غيره.
وربما يوجّه اعتبارهم كرّيّة المادة بأنّ ماء الحمّام في معرض التلف ، فلو لم تكن المادّة كرّاً لنقص بالأخذ والتلف ، وربما يوجّه بأنّ اعتبار الكرّيّة إنّما هو لأجل التطهير لا لعدم التنجّس ، وهو بعيد ، هذا.
ولكن التحقيق أنّه يمكن الاستدلال على اشتراط الكرّيّة بالأخبار أيضاً ، بأن يقال : إنّ الظاهر من المادّة المذكورة في الأخبار هو ما كان كرّاً فصاعداً ، لأنّه هو الفرد الشائع الغالب فيه كما لا يخفى.
مع أنّ الحكم بعدم النجاسة في الأخبار مشروط بثبوت المادّة وتحقّق الشرط بما ذكرنا متيقن ، والباقي مشكوك فيه.
ثم إنّ (٣) الظاهر من لفظ المادّة أيضاً اعتبار الكثرة بهذا المقدار ، فالتمسّك بالإطلاق لمذهب المحقّق ضعيف.
__________________
(١) المعتبر ١ : ٤٢.
(٢) نسبه إلى الشهيد الثاني في فوائد القواعد في المدارك ١ : ٣٥.
(٣) في «م» ، «ز» : مع أنّ.