نجاسة كانت ، والمذكورات إنّما هي بعنوان المثال ، فهي على العموم إلّا ما خرج بالدليل مما نصّ عليه بالخصوص.
وقد اعترض على المشهور بمنع حجيّة الاستصحاب ، وفيه ما فيه.
وبمنع عدم ثبوت المقدّر ، فإنّ صحيحة ابن بزيع (١) تدلّ على كفاية نزح ما يزيل التغيّر في المتغيّر ، فلا يجب نزح الجميع إذا زال بدونه ، فيثبت عدم وجوب نزح الجميع في غير المتغيّر بطريق الاولى.
وفيه : أنّ الأولويّة المذكورة مع أنّها ممنوعة ينافيها صدر الرواية ، فإنّه يدلّ على عدم النجاسة أصلاً ، فالعجز يثبت شيئاً من باب الأولوية ، والصدر ينفي كلّ شيء من باب التنصيص.
والحاصل أنّ الكلام في المنزوحات بعد القول بالانفعال ، وهذه الرواية لا تناسبه ، مع أنّ المراد بما لا نصّ فيه هو ما لم يرد ما يدلّ على وجوب مقدار من النزح في خصوص ما وقع بشخصه أو بنوعه كالفرس ، أو بجنسه القريب كالدابة ، وأما الحكم بأنّ كلّ نجس لاقى البئر يجب نزح أربعين منه مثلاً ، أو كلّ نجس لاقى البئر لا يجب منه شيء إلّا ما غيّره ، فليس ممّا نحن فيه ، ولذلك لم يعترض على رواية أربعين وثلاثين بعد التوجيه الذي ذكرنا بأنهما من باب المنصوص عليه لا ما لا نصّ فيه.
وقد يقال : بعد البناء على الاستدلال بصحيحة ابن بزيع على ما ذكر أنّه إذا ثبت به نفي وجوب نزح الجميع ، فتعيّن نزح أربعين ، لعدم الدليل على الثلاثين من جهة الاستصحاب.
وقد يقال : إنّ بَعدَ ذلك يتعيّن ثلاثون ، لضعف الاستصحاب ، وأصالة عدم الزيادة ، واختيار قول آخر يوجب خرق الإجماع المركّب.
وربما يقدح في الإجماع المركّب بمنع تحقّقه ، والأقوى على القول بالانفعال هو
__________________
(١) التهذيب ١ : ٢٣٤ ح ٦٧٦ ، الاستبصار ١ : ٣٣ ح ٨٧ ، الوسائل ١ : ١٢٧ أبواب الماء المطلق ب ١٤ ح ٧.