الرقيب ، وطار غراب الأمل عن الهامة ، وعشّش البُوم ، وذهب يُمن الأيّام بإدراج رياح الخيبة ، وبقي منها الشؤم ، وخِفت عدم مساعدة العمر والأسباب لختم ذلك الكتاب ، وسيّما مع قصور همم أهل الزّمان عن مراجعة مثله ، وعدم إقبالهم إليه بسبب الإطناب ، فأخذتُ في تأليف هذه العُجالة كهيئة العجلان ، واقتصرت فيه بأقلّ ما يقتضيه الوقت ، ويساعدني الزّمان.
ثمّ اعلم يا أخي : إنّي لم أقصد من شكواي إلّا النّصح لك في عدم الاغترار ، وإيّاك وأن تسوّف في طلب حصول الفراغ وتيسّر القرار ، فإنّ الرّاحة لم تُخلق إلّا في الجنّة ، والفراغ والاطمئنان لم يودعا في دار البلاء والمحنة ، واغتنم نَفَساً بعد نفس ، وإن كنت في غاية اضطراب ووَجس ، سيّما في مثل هذا الزّمان ، الّذي غلبت عليه أحزاب الشّيطان ، ورُفعت فيه أعلام الجهل والطغيان ، وولّت عنه آيات (١) ؛ العلم والعرفان ، واستمرّت به تلك الشّيمة والسجيّة حتّى كاد أن تكون أيّام الجاهليّة.
هذا وإنّي كالايس من إتمام ما أنا فيه إلّا من رَوح الله ، فكيف أقول برجاء إتمام الكتاب الكبير بعد ذلك إلّا أن يشاء الله.
فشرعت فيه بحول الله وقوّته ، مستعيناً في إتمامه بعونه ومنّه ، وسمّيته كتاب «غنائم الأيّام في مسائل الحلال والحرام».
وجعلته على أقسام أربعة ، في كلّ قسم منها كتب.
__________________
(١) في «ز» : رايات.