لتكاليفها ـ كالاستطاعة للحجّ ، والسفر لوجوب القصر ، ورؤية هلال [شهر] رمضان لوجوب الصوم ، وهلال شوّال للإفطار ، وحضور الوقت لوجوب الصلاة ـ ليست مؤثّرات في حدوث حكم جديد من الشارع متوقّف على عزم وإرادة جديدة ، فإنّه غير معقول ، بل هي أسباب لاندراج المكلّف بواسطتها في العناوين الكلّيّة التي ثبت لها أحكام شرعيّة إلهيّة من أوّل الشريعة ، فإذا علم المكلّف بأنّ الله تعالى أوجب القصر على المسافر وعلم أنّه سيسافر ، فقد علم بأنّ الشارع أراد منه إرادة حتميّة أن يقصّر في صلاته بعد مسافرته ، وإذا أحرز هذا المعنى ، استقلّ عقله بوجوب التهيّؤ للخروج من عهدة ما هو تكليفه بعد مسافرته من تعلّم أحكامه ، وتحصيل مقدّماته الوجوديّة ؛ إذ لا فرق بنظر العقل في وجوب امتثال الشارع بين أحكامه المنجّزة والمعلّقة.
نعم ، العلم بحصول الشرط بمعنى إحراز كونه ممّن يندرج في الموضوع المعلّق عليه الحكم شرط في تنجّز التكليف بمقدّمته ، كما تقدّم تحقيق ذلك كلّه في صدر الكتاب ، وأشرنا إليه أيضا عند التكلّم في وجوب حفظ الماء للوضوء ، ونبّهنا في ذلك المبحث على أنّه كما لا يتنجّز التكليف بالمقدّمات إلّا بعد إحراز اندراجه في العنوان المعلّق عليه الحكم ، كذلك لا يتنجّز التكليف بشيء من تلك المقدّمات بخصوصه إلّا بعد إحراز انحصار المقدّمة فيه ، فإذا أحرز المكلّف ـ مثلا ـ استطاعته من أن يحجّ في هذه السنة وإن لم تكن أسبابه متهيّئة له بالفعل لكن علم بحصولها لدى الحاجة إليها ، وجب عليه بحكم العقل الإتيان بما يتوقّف عليه فعل الحجّ من المقدّمات المنحصرة دون غيرها ، لا بمعنى أنّه لو أتى بمقدّمة غير منحصرة لا تقع مصداقا للمقدّمة الواجبة حتّى لا يمكن قصد التقرّب بعمله ،