بل بمعنى أنّه لا يتعيّن عليه فعلها ، نظير قولنا : لا تجب الصلاة في المسجد ، فحال الطهور قبل دخول الوقت عند التمكّن منه بعده حال المضيّ إلى الحجّ مع التمكّن من تأخيره ، فلا يجب ، لكن بالمعنى الذي عرفته ، وعلمت عدم منافاته لقصد التقرّب بفعله المعتبر في طهوريّة الطهور ، فتحديد الطهور بالوقت في الرواية ـ على الظاهر ـ ليس إلّا بهذه الملاحظة بمعنى أنّه لا يتنجّز التكليف بفعله إلّا بعد دخول الوقت ، لا أنّه لا يجوز فعله قبل الوقت ، كيف! وهو في حدّ ذاته نور يجوز الإتيان به لذاته مطلقا ، فضلا عن رجحان فعله بقصد التوصّل به إلى أداء الواجب في وقته ، فجواز تحصيل الطهور قبل الوقت بل رجحانه في الجملة ممّا لا شبهة فيه ، وإنّما الكلام في أنّ الوضوء قبل الوقت هل يفيد الطهارة أم لا؟ وهو أجنبيّ عمّا يفهم من هذه الرواية.
وكيف كان فالاستدلال بها للمنع ضعيف ، بل الظاهر عدم استناد الأصحاب إليها ، ولذا لم يذكروا الوقت من شرائط الوضوء والغسل ، ولم يعتبروا فيهما عدا تحقّقهما في الخارج قربة إلى الله تعالى ، لكنّهم بنوا على عدم حصول التقرّب بفعله قبل الوقت ؛ لزعمهم انتفاء الأمر ، وقد بيّنّا خلافه.
فالأظهر جواز إيجادهما قبل الوقت ، لكنّ الأحوط تركه إلّا لسائر الغايات.
وأمّا التيمّم : فقد عرفت أنّ عدم جواز تقديمه أيضا من المسلّمات ، بل لا خلاف فيه على الظاهر ، عدا ما حكي عن كاشف الغطاء من جوازه بل وجوبه قبل الوقت إذا علم بأنّه لم يتمكّن منه بعد الوقت (١).
__________________
(١) حكاه صاحب الجواهر فيها ٥ : ١٥٥ عن الأستاذ الأكبر ـ وهو الوحيد البهبهاني ـ في شرح المفاتيح ـ مخطوط ـ وحاشية المدارك ٢ : ١١٧ ـ ١١٨. ولم نعثر على الحاكي عن كاشف الغطاء ولا على ما نسب إليه في المتن في كشف الغطاء.