مع مخالفته للأصل وظاهر إسناد الفعل إلى الفاعل المختار خصوصا مع ما فيها من ظهور السؤال في التراخي بين الصلاة ووجدان الماء كما هو الغالب في مصاديقه الخارجيّة حيث إنّه لا يعثر على الماء غالبا إلّا في خلال الطريق بعد أخذه في السير بعد الفراغ من صلاته في غاية البعد ، خصوصا مع ترك الاستفصال وإطلاق الجواب.
وما عن الشيخ ـ من حمل صحيحة زرارة على إرادة الصلاة مع التيمّم في الوقت ، لا إصابة الماء (١) ـ ففيه : أنّه وإن أمكن هذا التوجيه في خصوص هذه الصحيحة على بعد لكنّه متعذّر في غيرها.
فالحقّ أنّه لا قصور في دلالة هذه الأخبار على المدّعى ، بل هي بمنزلة النصّ عليه غير قابلة للتأويل.
واستدلّ للقول بالمنع : بالإجماعات المنقولة ، وبقاعدة الاحتياط ، وأنّ التيمّم طهارة اضطراريّة ، ولا تتحقّق الضرورة إلّا في آخر الوقت ، وبأنّه مكلّف بصلاة ذات طهارة مائيّة في مجموع الوقت لدى القدرة عليها في الجملة ، ولذا ينتظر الماء لو علم حصوله في آخر الوقت ، فلا يشرع له التيمّم إلّا مع عجزه عن ذلك ، ولا يعلم العجز إلّا عند الضيق.
وبصحيحة محمّد بن مسلم قال : سمعته يقول : «إذا لم تجد الماء وأردت التيمّم فأخّر التيمّم إلى آخر الوقت ، فإن فاتك الماء لم تفتك الأرض» (٢).
__________________
(١) حكاه عنه البحراني في الحدائق الناضرة ٤ : ٣٥٧ ، وانظر : التهذيب ١ : ١٩٤ ، ذيل ح ٥٦٢.
(٢) الكافي ٣ : ٦٣ / ١ ، التهذيب ١ : ٢٠٣ / ٥٨٨ ، الإستبصار ١ : ١٦٥ / ٥٧٣ ، الوسائل ، الباب ٢٢ من أبواب التيمّم ، ح ١.