يقتصر المزكّيان على العدالة ، بل يضمّان إليها أنه مقبول الشهادة.
______________________________________________________
إذا ادّعى مدّع وأنكر خصمه ، وطولب المدّعي بالبينة وقال : لي بينة بعد السؤال أو قبله ، نقل عن المبسوط أنه لا يقول الحاكم له : أحضر بينتك ، فإن الحق له ، فلا يؤمر ، ويلزم بحق نفسه.
وقيل : يجوز ، ولعلّه أظهر ، إذ الأمر هنا ليس للإيجاب والإلزام ، بل للإعلام والإرشاد ، فإن لم نقل (يقل ـ خ) له ، يمكن أن يتمّ ساكتا ويضيّع الوقت ولا ينفصل فينبغي القول إذا لم يعرف المدّعي ذلك ، أو طال الزمان ولا يتكلم أحد ، وكأنّ ظاهر المتن يشعر بالأول ، حيث قال (وأحضرها).
وبعد الحضور هل للحاكم السؤال قبل سؤال المدّعي ، أم لا؟ يجيء فيه الوجهان المتقدّمان.
وكأنه اختار عدمه في المتن ، لقوله : (سألها الحاكم) بعد التماس المدعي ، فيسمع الحاكم شهادتها فإن لم توافق المدّعى أبطلها وطرحها ، وإن وافقته ، فإن عرف الحاكم عدالتها وقبولها في المدّعى المذكور ، حكم بعد سؤال المدّعي ذلك.
وهنا أيضا اختياره عدم الحكم إلّا بعد السؤال ، حيث قال : (وسأل المدّعي) وقد مرّ البحث فيه في شرح قوله : (فإذا ادّعى وسأل المدّعي المطالبة بالجواب طولب الخصم).
ويؤيد ما اختاره أنه قد يعفو ويحصل له ما يمنعه ، وقد يحصل للمدّعى عليه شيء ، أو للشهود.
ولكن يمكن استدراك ذلك كله ، فالتوقف على السؤال غير ظاهر ، نعم لا شك أنه أحوط ، الّا أن يؤول إلى تضييع الحقوق ، لأن الحكم صعب جدا كما عرفت من صفات القاضي ، والتشديد والمبالغة فيه ، فالاحتياط يقتضي تركه مهما أمكن ، وكأن له المفرّ والمخلص منه.
ويمكن الجواز لما مرّ من أنه إنما جاء المدّعي لذلك ، فكان السؤال حاصل