.................................................................................................
______________________________________________________
حيث قال ـ في (١) استدلال المصنّف على فسقهم بقوله تعالى «إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا» (٢) ، وبقوله تعالى «وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا» (٣) ـ : فيه نظر ، لأن الفسق إنما يتحقق بفعل المعصية المخصوصة مع العلم بكونها معصية ، أما مع عدمه ، بل مع اعتقاد أنها طاعة ، بل من أهمّ (مهمات ـ لك) الطاعات ، فلا ، والأمر في المخالف للحقّ في الاعتقاد كذلك ، لأنه لا يعتقد المعصية بل يزعم (زعم ـ لك) أن اعتقاده من أهم الطاعات سواء كان اعتقاده صدر (صادرا ـ لك) عن نظر أم تقليد ، ومع ذلك لا يتحقق الظلم أيضا ، وإنما يتفق ذلك لمن (من ـ لك) يعاند الحقّ مع علمه وهذا لا يكاد يتّفق وإن توهّمه من لا علم له بالحال (٤).
وأنت تعلم فساد هذا الكلام مع قطع النظر عمّا ذكرناه فإنه واضح لا يحتاج إلى التنبيه ، فإنه يستلزم عدم فسق كل من اعتقد أن ما يفعله ليس بحرام ، فلا يكون فاسقا بقتل الأنبياء والأئمة عليهم السلام ، والشرب ، والزنا ، وأنواع المعاصي ، بل عدم عصيان الكفّار ، وهو ظاهر.
هذا مع قطع النظر عن كفر الأوّلين ، وأن متابعة الكفّار في الدين فسق ، فيلزم كونهم معذورين مع ذلك وعداوتهم مع الله ورسوله وأهل بيته.
وبالجملة مفاسد هذا القول كثيرة جدّا ، وقد بالغ في ذلك وقال ـ بعد هذا الكلام ـ :
__________________
(١) عبارة شرح الشرائع (المسالك) هكذا : واستدلّ المصنّف عليه بأن غيره فاسق وظالم من حيث اعتقاده الفاسد الذي هو من أكبر الكبائر وقد قال تعالى «إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا» ، وقال «وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا» ، فيه نظر إلخ مع اختلاف يسير غير قادح.
(٢) الحجرات : ٦.
(٣) هود : ١١٣.
(٤) إلى هنا عبارة شرح الشرائع (المسالك).