.................................................................................................
______________________________________________________
إلّا أنّ المراد بظهور البطلان غير ظاهر ، وقد يشتبه ذلك بتغيّر الاجتهاد الذي لا يجب نقض الحكم ولا إخراجه من الكتاب كما نراه في الكتب ، فإنّ في كتاب واحد يوجد الفتويان المختلفان ، وقد لا يكون بينهما فاصلة إلّا قليلا ، وإن كنّا نحن نجد أنّ ضرب ذلك أيضا أولى ، وإعلام من أخذه وعمل ، لئلّا يعمل بعده ، ويعلم فتواه المتأخّر. نعم لا يجب إبطال العمل الذي عمل به ، مثل أن صلّى صلوات وترك جلسة الاستراحة ، ثمّ ظهر له وجوبها لم يجب عليه وعلى مقلديه قضاء تلك الصلوات.
والظاهر أنّ المراد بظهور البطلان الذي يجب به نقض الأول ، هو العلم ببطلان الحكم الأول بظهور دليل من الكتاب والسنة والإجماع المتواتر مع كونه نصّا في الباب وإنّما صار إلى خلافه لظنّ عدمه ، أو غفلة عن ذلك حين التفحّص ، وبالجملة لتقصير في الاجتهاد والسعي في طلب الدليل. وكذا لو وجد الخبر الواحد المعمول به عنده ، أو عامّا ، أو مفهوم موافقة ، بل مخالفة ، حجّة عنده أيضا ، أو قياسا جليّا كذلك.
وبالجملة ، أن يوجد دليل يجب العمل به عنده ، وما رآه وعمل بغيره من الأدلّة التي ليست بحجّة مع وجود تلك مع تقصير في التفتيش والسعي والاجتهاد ، بناء على ظنّ كفاية ما سعى ، واكتفى بمثل الأصل والشهرة وعدم ظهور الخلاف ، وحسن ظنّه ببعض العلماء حيث نظر في كتابه ، وما رآه فظنّ أنه لو كان لذكره ، مثل أن نظر في المختلف أو المنتهى وما رأى له دليلا فزعم أن لا دليل فأفتى وحكم بخلاف الحقّ للأصل ، ثم ظهر ما ذكرناه من الأدلّة المفيدة للظنّ ، وإن لم تكن قاطعة مثل الأول (١).
__________________
(١) وهو دليل الكتاب أو المتواتر من السنّة والإجماع ـ كذا في هامش بعض النسخ.