هو الكف (١) أو مجرد الترك وأن لا يفعل؟ والظاهر هو الثاني (٢). وتوهم (٣) أن الترك ومجرد أن لا يفعل خارج عن تحت الاختيار ، فلا يصح أن يتعلق به البعث والطلب فاسد (٤) ، فان الترك أيضا يكون
______________________________________________________
(١) أي : زجر النّفس عن إرادة الفعل والميل إليه ، فالكف أمر وجودي ولا يصدق على مجرد الترك ، بل لا بد أن يستند الترك إلى زجر النّفس. بخلاف الترك ، فانه يصدق على مطلق العدم سواء كان مع الزجر أم بدونه.
(٢) وهو مجرد الترك وعدم الفعل وان لم يكن عن زجر النّفس ، لأنه المتبادر من الصيغة في المحاورات.
(٣) هذا إشارة إلى برهان كون متعلق النهي الكف ، وحاصله : أن متعلق التكليف سواء كان نهياً أم أمراً أم غيرهما لا بد أن يكون مقدوراً للمكلف ، لأن اعتبار القدرة عقلا في متعلقات التكاليف مما لا شبهة تعتريه. وحينئذ فان كان متعلق النهي الكف صح تعلق النهي به ، لكونه مقدوراً للمكلف ، بخلاف ما إذا كان متعلق النهي مجرد الترك وعدم الفعل ، إذ العدم حاصل بنفس عدم علته ، فليس مقدوراً له حتى يصح تعلق النهي به. فالنتيجة هي : أن الكف المعدود فعلا اختيارياً هو الّذي يتعلق به النهي دون مجرد الترك وعدم الفعل.
(٤) خبر قوله : «وتوهم» ودفع له ، توضيحه : أن الترك ليس خارجاً عن حيز القدرة والاختيار ، وإلّا لم يكن الفعل مقدوراً أيضا ، بل كان ممتنعاً ، لأن نسبة القدرة إلى الفعل والترك نسبة واحدة ، فمقدورية أحدهما تستلزم مقدورية الآخر ، ولما كان الفعل مقدوراً بالضرورة ، فالترك كذلك ، إذ لو كان الترك أو الفعل غير مقدور لكان الترك واجباً والفعل ممتنعاً ، فيخرجان عن حيطة الاختيار.