أقرب ، كما أنّ الأنبياء يتفاضلون ، قال الله تعالى : (وَلَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلَىٰ بَعْضٍ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا) [الإسراء / ٥٥].
وأيّد القرطبي بقوله : «فهذا التأويل يجمع شتات الأحاديث ، وهو أولى من تفسير بعضها دون بعض وطرحه» (٢٧١).
٢ ـ قال الشيخ المجلسي (قده) : «لعل المراد أنّ للنبوة أجزاء كثيرة ، سبعون منها من قبل الرأي ؛ أي الإستنباط اليقيني ، لا الإجتهاد والتظني ، والرؤيا الصادقة ، فهذا المعنى الحاصل لأهل آخر الزمان ، على تلك السبعين ، ومشابه لها وإن كان في النبوة أقوى» (٢٧٢).
٣ ـ يمكن الجمع بين هذين القولين بما يلي :
أ ـ إنّ ذكر عدد الأجزاء بـ(سبعين ، أو ستين ، أو خمسين ، أو أربعين) ـ كما ورد في الروايات ، لعله من باب التمثيل ، كما قيل في قوله تعالى : (إِن تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً) [التوبة / ٨٠]. وقوله تعالى : (ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعًا) [الحاقة / ٣٢].
وأيضاً ورد عدد (أربعين) في بعض الآيات كما في قوله تعالى : (وَإِذْ وَاعَدْنَا مُوسَىٰ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً) [البقرة / ٥١]. وقوله تعالى : (فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً) [المائدة / ٢٦]. وقوله تعالى : (حَتَّىٰ إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً) [الأحقاف / ١٥]. ففي كل هذه الآيات لعلها كناية عن الكثرة وطول المدة وما شابه ذلك.
__________________
(٢٧١) ـ القرطبي ، محمد بن احمد : الجامع لأحكام القرآن ، ج ٩ / ١٢٣.
(٢٧٢) ـ المجلسي ، الشيخ محمد باقر : بحار الأنوار ج ٥٨ / ١٧٧.