ثالثاً ـ قوله : (لم تكن رؤيا المؤمن تكذب ، وأصدقهم رؤيا أصدقهم حديثاً) ،
فيه وجوه :
١ ـ قال النووي ـ في شرح الصحيح ـ : «ظاهره أنه على إطلاقه ، حكى القاضي عن بعض العلماء أنّ هذا يكون في آخر الزمان عند إنقطاع العلم موت العلماء والصالحين ومن يستضاء بقوله وعمله ، فجعله الله تعالى جابراً وعوضاً ومنبهاً لهم ، والأول أظهر ؛ لأنّ غير الصادق في حديثه يتطرق الخلل إلى رؤياء وحكايته إياها» (٢٦٩).
٢ ـ قال الشيخ المجلسي (قده) : «لما غَيّب الله تعالى في آخر الزمان عن الناس حجتهم ؛ تفضل عليهم وأعطاهم رأياً في إستنباط الأحكام الشرعية ، مما وصل إليهم من أئمتهم عليهم السلام ، ولما حجب عنهم الوحي وخُزّانه ؛ أعطاهم الرؤيا الصادقة أزيد مما كان لغيرهم ، ليظهر عليهم بعض الحوادث قبل حدوثها» (٢٧٠).
رابعاً ـ قوله : (جزء أو سبعين جزء من أجزاء النبوة). فيه وجوه كالتالي :
١ ـ قال ابن عبد البر : «إختلاف الآثار في هذا الباب في عدد أجزاء الرؤيا ليس ذلك عندي إختلاف متضاد متدافع ـ والله أعلم ـ ؛ لأنّه يحتمل أن تكون الرؤيا الصالحة من بعض من يراها على حسب ما يكون من صدق الحديث وأداء الأمانة والدين المتين وحسن اليقين ، فعلى قدر إختلاف الناس فيما وصفناه تكون الرؤيا منهم على الأجزاء المختلفة العدد ، فمن خلصت نيته في عبادة ربه ويقينه وصدق حديثه ؛ كانت رؤياه أصدق ، وإلى النبوة
__________________
(٢٦٩) ـ الووي ، محي الدين بن شرف : شرح صحيح مسلم ، مج ٨ ، ج ١٥ / ٢٠ (كتاب الرؤيا).
(٢٧٠) ـ المجلسي ، الشيخ محمد باقر : بحار الأنوار ، ج ٥٨ / ١٧٧.