ب ـ «ولما نصب الرأس الأقدس في موضع الصيارفة وهناك لغط المارة وضوضاء المتعاملين ، فأراد سيد الشهداء توجيه النفوس نحوه ليسمعوا بليغ عظاته ، فتنحنح الرأس تنحنحاً عالياً فاتجهت إليه الناس ، واعترتهم الدهشة حيث لم يسمعوا رأساً مقطوعاً يتنحنح قبل يوم الحسين عليه السلام ، فعندها قرأ سورة الكهف إلى قوله تعالى : (إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى) [الكهف / ١٣]. وصلب على شجرة فاجتمع الناس حولها ينظرون إلى النور الساطع ، فأخذ يقرأ (وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ)» (٢٥) [الشعراء / ٢٢٧].
٣ ـ محاولة التنقل السريع في تسلسل الأحداث والإعتماد على تتابع الأحداث سريعاً لخلق جوٍ مليء بالحركة ، وكأنّما نحن أمام مسرح حافل بالنشاط في مشاهدة حيوية متتابعة ، كما في قصة الإسراء والمعراج ، حيث تتابع الأحداث فيها إبتداء من ركوب الرسول صلى الله عليه وآله وسلم على البراق ، ثم إتيانه بيت المقدس وصلاته فيها ، ثم العروج إلى السماء ، حيث أخذ الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ومعه جبرائيل في التنقل من سماء إلى سماء صعوداً إلى أعلى ، وفي كل سماء يقابل الرسول صلى الله عليه وآله وسلم نبياً من الأنبياء إلى سدرة المنتهى ، إلى أن أنهى رحلته المقدسة إلى مكة المكرمة في ليلة واحدة ، ولهذا عَبّر عنها القرآن الكريم في قوله تعالى : (سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ) [الإسراء / ١].
وأيضاً ما نجده في السيرة الحسينية ، إبتداءاً من خروج الحسين عليه السلام من المدينة المنورة إلى مكة المكرمة ثم إلى كربلاء ، وما جرى على أرض كربلاء من
__________________
(٢٥) ـ المصدر السابق.