مسافرتهم إلى زيارة العتبات العاليات في أوقات الوقفات والزيارات المخصوصة على حالة كونهم مُشّاة حُفَاة ، والركبان منهم في سفر الزيارات في غاية القلة بالنسبة الى المشاة والحفاة ، وذلك أنّ أفواجهم في سفر الزيارات في غاية الكثرة وإن أكثرهم فاقدوا الإستطاعة للركوب على الخيول أو البغال أو الحمير ، وكيف كان ، فإنّ ذلك الرجل النصراني لما إطلع على ما أراد الشيخ وجماعة من أهل القبيلة ، هاجت أحزانه وتحركت غمومه وزادت همومه : قال الشيخ لا تحزن فإنّك في المضيف ، والباقون منا في الحي أكثر من المسافرين للزيارة.
قال النصراني : كنت مستأنساً بك ، ومزيلاً أحزاني بمصاحبتك ، وأخشى أن أهلك بعد فراقك من هيجان أحزاني ومراجعة همومي وغمومي ، فإن كنت تترحم عليّ فارض بمصاحبتي معك في هذا السفر.
قال الشيخ : لا وجه لسفرك معنا ، فإنّ الطريق بعيد ونحن مشاة حفاة ، فترضى بما نتحمله من التعب والنصب وإرتكاب الشدائد لأجل ما نرجوا من مثوبات جزيلة ودرجات عظيمة في الآخرة ، وأنت رجل نصراني غير معتقد بما نحن عليه ، فلما ألَحّ النصراني في ال سؤال ؛ رضي الشيخ بما يريد ، ثم ساروا إلى النجف الأشرف ـ زاد الله تعالى شرافته ـ فلما وصلوا إلى تلك البقعة المباركة ، أسكنوا الرجل النصراني في بيت من البيوت ومنعوه عن الدخول في الصحن الشريف ، فلما زاروا الإمام عليه السلام في يوم الغدير ، بقوا بعده مدة من الأيام في ذلك البلد الأمين ، قَسّم الشيخ أهل القبيلة قسمين ، فقال النصراني للشيخ : أنا لا أفارقك وأكون معك حيث ما كنت ، ثم عرضت لهم جملة من العوائق فلم يصلوا إلى كربلاء. إلا قبيل غروب الشمس في التاسع من المحرم أو بعد دخول ليلة العاشورا.