٢ ـ إنكار المعجزة :
إنّ العلماء في المختبرات وغيرها يبحثون كشف الروابط بين العلل المادية ومعاليلها ، فيصطدمون بعنوان المعجزة والكرامة الواردة في الكتب السماوية ، فعلى سبيل المثال : أنّ موسى عليه السلام ألقى عصاه ، فانقلبت حَيّة تسعى ، وعيسى عليه السلام كان يمسح بيده على المرضى فيبرؤون. وأنّ الحصى سَبّحت في كفّ النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم. فمن لاحظ هذه المعاجز ؛ يقف حائراً ويقول : ما علاقة العصا بالثعبان الذي يتولد من ال بيضة بعد مرورها بمراحل وأدوار؟
وما علاقة يد النبي عيسى عليه السلام بعلاج الأمراض المختلفة في لحظة من الزمن؟
وكيف تنطق الحصى من دون لسان وحنجرة وفم ، وهكذا في بقية معاجز الأنبياء؟
فالنتيجة التي توصلوا إليها : أنّ ظهور المعاجز بهذا الشكل على الطبيعة ، مع عدم علل مادية. ويمكن مناقشة هذا الإنكار بما يلي :
أولاً ـ مناقشة أساس الفكرة :
١ ـ هناك خلط ولبس عند أصحاب هذه الدعوى ؛ إذ هم يَدّعون أنّ المعجزة معلول بلا علة ، وهذا لا يقول به أحد ممن يعتقد بنسبة المعاجز إلى الأنبياء ، وإنما المنفي في مورد المعجزة هو العلل المادية المتعارفة ، التي يأنس بها الفكر البشري ، ولكن قد يكون للمعجزة علّة لا يعرفها الفكر البشري ، ولم تقف عليها التجربة. وبهذا إتضح لنا الفرق بين كون المعجزة ظاهرة إتفاقية لا تستند إلى علة أبداً ، وبين كونها ذات علّة غير معروفة عند البشر.