ركع يعود فيدخل فيه ما لو كان قانتا ، وخبر عبد الرحمن يقتضيه أيضا فإن العود الى الفعل مع الشروع في واجب وان لم يكن مقصودا بالذات قد يقتضي العود مع الشروع في المندوب بطريق اولى. ويمكن أن يقال هنا ان القنوت ليس من أفعال الصلاة المعهودة فلا يدخل في الخبرين. ثم قال : ولا يكاد يوجد في هذا المحل احتمال أو إشكال إلا وبمضمونه قائل من الأصحاب. انتهى.
أقول : اما ما ذكره من ان مقتضى الصحيحتين ـ يعنى صحيحتي زرارة وإسماعيل ابن جابر ـ ذلك فهو جيد من حيث الغيرية ويعضده انه فعل آخر من أفعال الصلاة وان لم يكن من الواجبات المعدودة.
واما الاستناد إلى صحيحة زرارة المذكورة في وجوب العود في غير ظاهر ، وذلك فان الظاهر من سؤالات زرارة في هذا الخبر الترتيب فيها وان مراده بالقراءة والركوع انما هو باعتبار الركعة الأولى التي لا قنوت فيها ، وإدخال الركعة الثانية وان أمكن باعتبار عموم الكلام أو إطلاقه لكن سياق الخبر يشعر بان المراد انما هو الركعة الأولى ولا أقل أن يكون ما ذكرناه احتمالا يسقط به الاستدلال في هذا المجال.
واما الاستناد الى خبر عبد الرحمن بالتقريب الذي ذكره ففيه ان الأظهر ان يقال ـ باعتبار ما قدمه من الفرق بين الأفعال وبين مقدماتها وهي التي أشار إليها هنا بأنها غير مقصودة بالذات من انه بالدخول في الأفعال يمضي وبالدخول في المقدمات يرجع ـ ان الواجب هنا هو المضي لأن القنوت من جملة الأفعال وان كان مستحبا على المشهور والرجوع مخصوص بالمقدمات والقنوت ليس كذلك ، والرجوع والمضي ليس معلقا بالواجب وعدمه ليتجه هنا انه متى جاز الرجوع من الواجب وان لم يكن مقصودا ذاتيا جاز من المستحب بطريق اولى بل المناط فيه انما هو آخرية الفعل وكونه فعلا مستقلا ليس مقدمة لغيره واجبا كان أو مستحبا.