وقال في السرائر ما يسمى في العادة كثيرا مثل الأكل والشرب واللبس وغير ذلك مما إذا فعله الإنسان لا يسمى مصليا بل يسمى آكلا وشاربا ولا يسمى فاعله في العادة مصليا.
وقال العلامة في التذكرة : اختلف الفقهاء في حد الكثرة فالذي عول عليه علماؤنا البناء على العادة فما يسمى في العادة كثيرا فهو كثير وإلا فلا ، لأن عادة الشرع رد الناس في ما لم ينص عليه الى عرفهم وبه قال بعض الشافعية. وقال بعضهم القليل ما لم يسع زمانه لفعل ركعة من الصلاة والكثير ما يسع. وقال بعضهم ما لا يحتاج الى فعل اليدين معا كرفع العمامة وحل الأزرار فهو قليل وما يحتاج إليهما معا كتكوير العمامة وعقد السراويل فهو كثير. وقال بعضهم القليل ما لا يظن الناظر الى فاعله انه ليس في الصلاة والكثير ما يظن به الناظر الى فاعله الاعراض عن الصلاة (١) انتهى.
وأورد عليه ان ما ذكره من التعليل على احالة الحكم على العرف فهو متجه ان كان مستند أصل الحكم النص ، وليس كذلك فانى لم اطلع على نص يتضمن ان الفعل الكثير مبطل ولا ذكر نص في هذا الباب في شيء من كتب الاستدلال ، فاذن مستند الحكم هو الإجماع فيجب اناطة الحكم بمورد الاتفاق فكل فعل ثبت الاتفاق على كونه فعلا كثيرا كان مبطلا ومتى ثبت انه ليس بكثير فهو ليس بمبطل ، ومتى اشتبه الأمر فلا يبعد القول بعدم كونه مبطلا فان اشتراط الصحة بتركه يحتاج الى دليل بناء على ان الصلاة اسم للأركان المعينة مطلقا فتكون هذه الأمور خارجة عن حقيقتها. ويحتمل القول بالبطلان ووجوب الإعادة لتوقف البراءة اليقينية من التكليف الثابت عليه. انتهى.
أقول ـ وبالله التوفيق إلى هداية سواء الطريق ـ قد عرفت في غير مقام مما تقدم ما في بناء الأحكام الشرعية على الرجوع الى العرف من الفساد مضافا الى عدم
__________________
(١) الفقه على المذاهب الأربعة ج ١ ص ٢٥٢ وبدائع الصنائع ج ١ ص ٢٤١ والمغني ج ٢ ص ٢٤٩ والبحر الرائق ج ٢ ص ١٢ ولم نعثر في ما وقفنا عليه من كتبهم بتحديد الفعل الكثير بما يسع زمانه لفعل ركعة من الصلاة.