بغير ضعف السند وإلا فلا وجه لاستدلاله أولا بها ولا بموثقة سماعة ولكن هذه قاعدته كما نبهنا عليه في غير مقام من استدلاله بالموثقات عند الحاجة إليها وردها بضعف السند عند اختياره خلاف ما دلت عليه كما تراه هنا قد وصف رواية عمار في مقام الاستدلال بكونها موثقة وفي مقام الإعراض عنها بكونها رواية عمار وهي طريقة غير محمودة ، إلا ان ضيق المقام في هذا الاصطلاح الذي هو الى الفساد أقرب من الصلاح أوجب لهم انحلال الزمام وعدم الوقوف على قاعدة في المقام. واما صحيحة منصور بن حازم فليس في سندها من ربما يحصل الاشتباه به إلا محمد بن عبد الحميد الذي سبق الكلام معه فيه حيث توهم من ظاهر عبارة الخلاصة في ترجمته كما كتبه جده (قدسسرهما) على حواشيها ان التوثيق فيها انما يرجع الى أبيه وقد أوضحنا في ما سبق بطلانه ولهذا ان أصحاب هذا الاصطلاح يعدون حديثه في الصحيح وهو الحق كما لا يخفى على الممارس.
نعم يبقى الكلام في مضمون الخبرين المذكورين فإنهما ظاهران في ما ذهب اليه الفاضلان المتقدمان فينبغي الجواب عنهما عند من قال بوجوب الأسماع ، وكان هذا هو الاولى بالتعرض في المقام إلا ان تلك الطريقة التي عكف عليها أسهل تناولا في الخروج عن ضيق الإلزام.
والتحقيق عندي في المقام ان يقال : الظاهر من كلام جل الأصحاب (رضوان الله عليهم) وجوب الإسماع تحقيقا أو تقديرا في الصلاة وغيرها والمخالف إنما أسند له الخلاف في الصلاة خاصة ، ويدل على ما ذهب إليه الأصحاب إطلاق رواية ابن القداح المتقدمة (١) ويؤيدها أيضا ما رواه في معاني الأخبار عن عبد الله بن الفضل (٢) قال : «سألت أبا عبد الله (عليهالسلام) عن معنى التسليم في الصلاة قال التسليم علامة الأمن وتحليل الصلاة. قلت وكيف ذاك جعلت فداك؟ قال كان الناس في ما مضى إذا سلم عليهم وارد أمنوا شره وكانوا إذا ردوا عليه أمن شرهم
__________________
(١) ص ٦٦.
(٢) الوسائل الباب ١ من التسليم.